المعلمون بُناةُ الحضارة

بقلم: الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

كلما جاء ذكر المعلمين يتردد في ذهني قول القائد المؤسس الخالد حافظ الأسد: المعلمون بناةٌ حقيقيون لأنهم يبنون الإنسان، والإنسان هو مُنطَلَق الحياة وهو غايةُ الحياة.

 

إنَّ الْمُعَلِّمَ وَالطَّبِيبَ كِلَاهُمَا

لَا يَنْصَحَانِ إذَا هُمَا لَمْ يُكْرَمَا

 

فَاصْبِرْ لِدَائِك إنْ أَهَنْت طَبِيبَهُ

وَاصْبِرْ لِجَهْلِك إنْ جَفَوْت مُعَلِّمَا

سُئل إمبراطور اليابان ذات يوم، عن أسباب تقدم دولته في هذا الوقت القصير، فأجاب: «بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير».

لم تصل اليابان إلى ما وصلت إليه من التقدم إلا من خلال إدراكها أهمية التعليم، وأن المعلم هو حجر الزاوية للمنظومة التعليمية. لذلك جعلوا رتبته بعد الامبراطور مباشرةً فهو يتمتع برتبة أعلى من الوزراء والعسكريين والسياسيين.

إن غرس احترام المعلم في النفوس هو من أعظم دعائم بناء المستقبل لأنه يبني الأجيال ويجعل حياته شعلةً ليُنير دروب العلم وسُبلَ المعرفة فيهم.

إن المعلم الصادق الذي يبذُلُ كل ما لديه لينشئ الطلاب نشأةً صحيحة ويجعل من نفسه جسراً ليعبر عليه المتعلمون من ضفاف الجهل إلى ساحات المعرفة، إن هذا المعلم جدير بكل احترام وتقدير لأنه شابه بعمله هذا وظيفة الأنبياء والمرسلين الذين بعثهم الله تعالى في الأمم ليُنيروا دروبهم وليهدوهم إلى الطريق الصحيح.

فهو بالعلم يُصلح دنياهم وآخرتهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما بُعثتُ معلماً ) رواه ابن ماجة. وبذلك نعلم أن مهنة المعلم مهنة مقدّسة.

قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [المجادلة: 11]

وهذه الآية بيانّ إلهي على عظيم فضل العلم وأهله. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس من أمَّتي مَن لم يُجِلَّ كبيرَنا ويرحَمْ صغيرَنا ويعرِفْ لعالِمِنا حقَّه) رواه الترمذي وقال صلى الله عليه وسلم:(فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ) رواه الترمذي.

إن احترام المعلم هو مؤشر الحضارة الإنسانية والرُقي البشري فكلما زاد ذلك الاحترام انعكس على تطوّر الأجيال بناءً وتقدماً وكلما نقص ذلك الاحترام كان التخلف والضعف سمة ذلك الجيل.

وإذا أردنا أن نأخذ مثالاً على ذلك من العصر العباسي الذي ازدهرت فيه العلوم وانتشرت وذلك لتمتع المعلم بمكانةً مرموقة لا سيما في قلوب الأبناء، حيث يُروى في هذا السياق أن الخليفة هارون الرشيد بعث ابنه إلى الأصمعي ليعلمه العلم والأدب فرآه يوماً يتوضأ ويغسل رجليه وابن الخليفة هارون الرشيد يصب الماء فعاتب الأصمعي في ذلك فقال: إنما بعثته إليك لتعلمه العلم وتؤدبه فلماذا لم تأمره بأن يصب الماء بإحدى يديه ويغسل بالأخرى رجلك.

عندما نصل إلى هذه الحالات من احترام المعلم سيصل حتماً واقعنا إلى ذلك الازدهار المنشود.

وختاماً أرفع أسمى معاني الاحترام والتقدير إلى جميع المعلمين في يوم عيدهم.

كل عامٍ وأنتم والوطن بألف ألف خير.

رقم العدد 16389

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق