استقبال شهر رمضان

الجماهير / بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

أهلاً بوقت القربِ والنورِ العميم
يا مرحباً بعطاء رحمنٍ رحيم

رمضان يا شهر الصيام تُظلنا
وتُثيبُنا بالخير والفضلِ العظيم

لقد شرَّف الله تعالى شهر رمضان فجعله من خواص الأوقات التي تَمُرُّ على الناس، جعل منه جامعةً يتتلمذ فيها الصائمون ويتعلمون خصال الخير، جعل منه مشروعاً لبناء الإنسان على الوجه الأمثل.
ومن المعروف أن لكلِّ جامعة منهجاً تُدرِّسُهُ، ولكلِّ مشروعٍ ورقة عمل تُرَافقه وتكون دليلاً لتنفيذه فما هو ذلك المنهج الذي وُضع لهذا الشهر المبارك؟
إنه المنهج الذي قدَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة منذ فجر تاريخها من خلال أحاديث وأخبار نُقلت إلينا عنه بيَّن لنا من خلالها محاسن هذا الشهر وخيراته التي تعمّ جميع مناحي الحياة الروحية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية و… فمن ذلك ما رواه لنا الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:
خطبنا رسول الله صلى الله عليه *وسلم في آخر يوم من شعبان فقال : ( يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد في رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء ) قلنا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مِذقَةِ لبن أو تمرة أو شربة من ماء ، ومن أشبع صائما” سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار ) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما.*
لقد سرت كلمات كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في القلوب والعقول فمنحتها علماً وموعظةً عظيمة حيث وصفت عظيم قدر شهر رمضان وعظمة أجر العاملين فيه، ولفتت إلى ضرورة المواساة والتكافل الاجتماعي، ثم بشَّرت بزيادة الرزق فيه، لذلك على المؤمن ألا يبخل على ذوي الحاجات، ثم هناك بُشرى لمن يُخفف عن الآخرين، ولكن اللافت في الحديث أنه وضع منهجاً خاصاً للّسان، نعم اللسان الذي يُرقي المرء أو يُرديه، يُسعده أو يُشقيه، وذلك المنهج هو صبُّ قدرات اللسان النُّطقية في هذا الشهر المبارك في الطاعات التي تُثمر في لبِّها وجوهرها الحضارة والرقي في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة.

فيا ربنا بارك لنا في أوقاتنا وبلغنا مرضاتك فيها واصبب على أمتنا الخير والرحمة والمغفرة يا أكرم الأكرمين.
رقم العدد ١٦٣٧٣

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار