المحامي سمير نجيب
بعد اكثر من قرن من الزمن ما زال الصراع العربي الصهيوني مستمرا بأشكال مختلفة ولم يستسلم الشعب الفلسطيني لإرادة العدو وواجه كل المشاريع السياسية والتسويات التصفوية التي نالت من قدسية القضية الفلسطينية وها هي الادارة الأمريكية تطل علينا برؤية جديدة لحل الصراع متمثلة بالحل الاقتصادي فالرئيس الامريكي جون بايدن الذي كان نائبا للرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما ادرك بأن حل الدولتين الذي تبناه اوباما وعدد من الحكومات الامريكية وخاصة منها حكومات الحزب الديمقراطي ليست واقعية ليس لأن الادارة الأمريكية غير قادرة على تطبيقها بل انطلاقا من طبيعة المشروع الصهيوني وأهدافه ووظيفته كقاعدة عسكرية عدوانية في خدمة المشروع الامبريالي القائم على الهيمنة والنهب والسيطرة ولتعارض هذه الرؤية مع برامج كل الحكومات الصهيونية المتعاقبة من اغتصاب فلسطين عام 1948حتى اليوم بجناحيها الليكودي والعمل وما لحقها من تشكيلات ائتلافية كما هو واقع الحكومة الصهيونية الحالية التي رفضت وترفض أي تسوية تؤدي الى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وترى أن الحل هو إعطاء السكان الفلسطينيين حكما ادارياً ذاتياً..
امام هذا الواقع يصبح الحل المنطقي من وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية هو الحل الاقتصادي المتمثل في كونفدرالية تعاون اقتصادي يضم المثلث ثلاثي الاضلاع هو السلطة الفلسطينية والاردن والكيان الصهيوني بعد اجراء تعديلات بأطراف هذا المثلث تتوافق مع هذا الحل ليصبح الكيان الصهيوني هو الكيان السياسي الوحيد المتبلور والباقي هو حالة من السيولة السياسية كيانات هزيلة ضعيفة تدور في فلك الكيان ..تجسيدا لهذه الرؤية أثمرت جهود إدارة بايدن مؤخراً بتشكيل لجنة اقتصادية فلسطينية ” اسرائيلية” مشتركة بهدف تحسين الواقع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية بتقديم بعض التسهيلات واعطاء عدد من الميزات الاقتصادية تساهم في انعاش الاقتصاد الفلسطيني دون المساس بأمن الكيان ومشاريعه الاستيطانية ليتحول فيما بعد هذا التعاون الاقتصادي الى واقع متجاهلا جوهر وطبيعة الصراع ولكن الشعب الفلسطيني المستمر بنضاله منذ اكثر من قرن من الزمن لن يستكين وكما افشل كل مخططات ومشاريع تصفية القضية لهو قادر اليوم على افشال هذا المخطط التصفوي مستندا الى ارادته الحرة وإلى عمقه العربي المتمثل بجماهير أمته والى ثقته بمحور المقاومة الذي كان وما زال السند القوي الداعم لنضال الشعب الفلسطيني حتى تحقيق اهدافه الوطنية بالتحرير والعودة ..