حرب المياه… إحدى حروب القرن

عبد الكريم عبيد

ربَ صدفة خيرٌ من ألف ميعاد مثال لم يعد يجدي نفعاً في هذه الظروف وبخاصة في ظل الأحداث التي تجري على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي بين الدول وفي أكثر من ساحة ، إذ أنَ تعقيد مجرياتها وحدوثها واهدافها لا يأتي من قبيل الصدفة ودون تخطيط مسبق .
ونقصد هنا التوتر القائم بين مصر والسودان من جهة وبين أثيوبيا من جهة أخرى فيما يتعلق بملء سد النهضة العملاق والمجهز لتخزين كميات هائلة من المياه والذي يمكن ان يتسبب بقطع مياه النيل عن السودان ومصر في آن معاً .
أيضاً اشكالية المياه المزمنة بين الأردن والكيان الصهيوني وهي بالأساس مياه عربية ومن نهر الأردن إلا أنَ الأخير اضطر إلى شراء المياه منه لقاء أن يشرب أبناء الشعب الأردني أي هي مياه أردنية إلا أنَه يدفع عليها حتى يشرب الشعب الأردني .
أيضاً الخلاف التاريخي بين سورية وتركيا ومحاولة الأخيرة الضغط على مجرى الفرات وتخفيف نسب الجريان بالحد الأدنى للضغط على الشعبين السوري والعراقي الذي يستفيد من مياه الفرات في الشرب وكذلك الزراعة حيث تقام مشاريع ضخمة انعشت اقتصاد البلدين .
ذات الشيء يمكن قوله في نهر النيل والدلتا المصرية التي تعد من أخصب الأراضي المصرية وذات الشيء ينطبق على السودان .
إنها حروب الثورات الملونة التي دمرت البلاد والعباد .
هذه الورقة التي استخدمت على ثلاثة محاور أساسية وهامة أولها سورية والتي تعتبر ركناً أساسياً من أركان محور المقاومة ومصر أكبر الدول العربية وخزانها البشري وجيشها يأتي في المقدمة على مستوى المنطقة .
وكذلك الأردن الذي يحاول التخلص من تبعات وادي عربة لكن لا يوفق في ذلك ، وبالتالي محاولة الإفلات من نير السيطرة الصهيونية……
لهذه الأسباب حدث الذي حدث في سورية وهي التي كانت محققة الرخاء الاقتصادي والاكتفاء الذاتي لأبنائها .
أيضاً مصر التي كانت تعتبر معقل العروبة من أيام عبد الناصر وفيها حركة جيدة للأحزاب اليسارية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني والسودان السلة الغذائية للوطن العربي كل هذا أسباب موجبة لتكون هذه الدول في دائرة الاستهداف .
ولو بحثنا لوجدنا أيادي كيان الاحتلال حاضرة في هذه الأحداث جملة وتفصيلاً للضغط على شعوب المنطقة ودفعها إلى مزيد من الفقر والتخلف لتقديم التنازلات وفي مقدمتها التطبيع مع الاحتلال .
وبالنتيجة الضغط على هذه الشعوب في لقمة عيشها جراء الضغط على منابع المياه لدرجة تجفيفها وتحويل مساراتها إلى بحيرات داخلية تعمل خصيصاً لهذا الغرض .
بالإضافة إلى سن العقوبات بالتزامن مع خنق هذه الدولة واستخدام سلاح المياه ضدها وقانون قيصر الذي اصدره ترامب قبل رحيله وحصارها اقتصادياً لا يخرج عن هذا الإطار الذي يهدف إلى خنق شعوب المنطقة اقتصادياً ومحاصرتها ومنع عنها ابسط سبل العيش.
المعادلة باتت واضحة والأيادي الصهيونية تدفع إلى مزيد من التوتر والحروب …. وأمام هذا الواقع المطلوب من الحكومات والشعوب أن تكون لديها الخبرات والبدائل للتعاطي مع المتغيرات التي تحدث رويداً رويداً .
يجب الاستناد إلى أرضية اقتصادية واجتماعية وتنموية قوية لنتمكن من الصمود لأننا نحن في وقت لا يحترم إلا الأقوياء .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار