فتاة من حلب تحترف مهنة الحدادة واللحام…حكاية تحد وإصرار

الجماهير – أسماء خيرو

هي شابة استطاعت أن تقف على أقدامها بالاعتماد على الذات القوية الممتلئة بالتحدي والإصرار والصبر، مايميزها حب الاطلاع وتجربة كل ماهو جديد ، استطاعت في فترة قصيرة لاتتجاوز الأربعة أشهر أن تتقن مهنة الحدادة التي مازالت حتى يومنا هذا حكراً على الرجال، لتصبح بذلك أول امرأة في سورية تعمل في هذه المهنة بالرغم من صغر سنها التي لم تتجاوز الخامسة والعشرين من العمر ، لقد رتبت حياتها دون تلكؤ، استغلت الوقت بكل ماهو مفيد ، وفتحت النوافذ لذاتها وفكرها الجامح لكي تحقق ماتحب وماترغب .

قالت الشابة آية أوزون في حديث للجماهير: لقد أتيحت لي فرصة للعمل والتعلم فعملت على استغلالها وخضت التجربة بالرغم من أن مهنة الحدادة تعتبر من المهن الشاقة التي تتطلب الدقة في العمل إضافة إلى الصبر ، صحيح في البدء واجهت الكثير من الصعوبات والتحديات ولكن التشجيع والدعم من الدكتور محمد طير مدير مركز المعادن في مركز التدريب المهني في ميسلون ، والسيدة زينب خولا رئيس مجلس إدارة جمعية يدا بيد والدكتور خير الدين طرشة كردي ، وزميلي في العمل المهندس ظافر شحود، جعلني ألغي فكرة التراجع وأكمل السير في هذا الطريق بالرغم من مشاقه ومتاعبه وسرعان مااحترفت المهنة وكسبت احترام المدربين وزملاء المهنة .

الشابة آية تخرجت في معهد إدارة الأعمال وحاليا تدرس في كلية الاقتصاد سنة ثانية ، وتعمل في الوقت الحالي في مهنة لحام المعينات الحركية لذوي الاحتياجات الخاصة لتؤمن مصاريفها الدراسية وبعض احتياجاتها الخاصة إذ رتبت حياتها مابين دراسة وأعمال منزلية ومهنية .

تقول عن عملها في المعمل : بعد أن أنهيت مدة التدريب التي كانت تقارب الأربعة الأشهر فيها تعلمت كيفية استعمال لحام القوس الكهربائي والغازي إضافة لتجميع القطع الحديدية ولصقها بلحام النحاس ،والميغ والتيغ ” إذ كان أول عمل أنجزته لحام “خزان مياه صغير ” كما تعلمت تشكيل أشكال هندسية ونباتية بسيطة كالورود، أتيحت لي فرصة للعمل في معمل تصنيع المعينات الحركية في جمعية” يدا بيد ” الخيرية، وبالفعل بدأت العمل منذ ثلاثة أشهر ، بدوام يبدأ من الثامنة صباحا وينتهي الرابعة عصرا .

وتتابع حديثها عن الصعوبات إذ قالت: لم أجد في فترة التدريب أو العمل في مهنة لحام الحديد وتشكيل المعادن أية صعوبة لسبب واحد أنه كان هناك من يشجعني ويحثني على الاستمرار في العمل ، فقط ماكان يضايقني أقوال بعض زملاء العمل إذ كانوا دائما يطرحون الكثير من الأسئلة منها : لماذا دخلت هذا المجال وأنت فتاة؟ الفتاة لاتصلح لمثل هذه المهنة.. كيف يمكن لفتاة أن تتعامل مع الحديد القاسي والنيران ؟ كنت دائما أجيبهم بأني أحب أن أجرب كل ماهو جديد ، لماذا الاستغراب ؟ لا فرق بين رجل وامرأة مادمنا نعيش في مجتمع واحد، فأنا وأنت نكمل بعضنا البعض ، وهذا ينطبق على المجال العملي مادمت تستطيع التعلم فأنا أيضا أستطيع، وبالفعل بعد انتهاء الدورة تفوقت في عملي وأثبت لهم بأني قادرة أن أخوض هذا المجال الذي يعتبر من اختصاص الرجل وأصبحت المرأة الوحيدة التي تمارس مهنة الحدادة في مدينة حلب بل في سورية .

اليوم الشابة آية تشعر بالرضا والمتعة في عملها، هي مصدر فخر لأخوتها ولمعلميها ولزملائها لأنها أثبتت بأنها امرأة قوية صمدت أمام جميع العقبات ، نظرة المجتمع لها لم تعد تعنيها مهما قالوا ،وقالوا ، لأنها خاضت هذا المجال عن قناعة، هي لم تجرب بعد دخول سوق العمل ولكنها تحلم بذلك وهو أحد مشاريعها المستقبلية، بأن تكون أول فتاة من سورية تؤسس ورشة حدادة تطلق عليها اسم” المرأة الحديدية” لقب حازت عليه من زملائها في العمل، وتبني لها اسما في مجال تصنيع وتشكيل المعادن ( الحدادة ) ويكون لديها عمال وزبائن خاصون ،كما تتمنى بأن يكون في مدينة حلب مركز لتدريب المرأة على أعمال اللحام والحدادة ، وأن تكون هي أول من تضع اللبنة الأولى فيه حتى تشجع المرأة على خوض هذا المجال إلى جانب الرجل، وتدرب النساء على هذه الأعمال.

تقول في ختام حديثها بأن لديها الكثير والكثير من الأحلام وتأمل بأن تحققها وتنصح كل فتاة أو امرأة ترغب بامتهان عمل لايناسبها أن تجرب وتخوض غمار هذا العمل وإن كان صعبا أو شاقا ، وأن لاتهتم لنظرة المجتمع لها ، فليس هناك عمل يناسب المرأة وآخر يناسب الرجل ، فقط عليها أن تتحلى بالثقة والأخلاق وتمضي وتعمل ماتحب.. موجهة شكرها لكادر صحيفة الجماهير على الاهتمام والمتابعة .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار