الجماهير_ أنطوان بصمه جي- هنادي عيسى
بهدف تعريف الشباب بآثار مدينتهم وحضارتها الضاربة في جذور التاريخ، ولإدراك قيمة آثار مدينة حلب القديمة استهدف المخيم التوثيقي الأثري في يومه السادس جولة استكشافية إلى البيمارستان الأرغوني.
متحف الطب والعلوم أو ما يعرف باسم البيمارستان الأرغوني الذي بني في العهد المملوكي عام 1354 ميلادي بأمر من والي حلب الأمير أرغون الكاملي، حيث يتوسط قلب مدينة حلب القديمة من جهات المدينة القديمة الأربع، يمكن زيارته من باب قنسرين ومن جهة الجامع الأموي الكبير كما يمكن زيارته من جهة قلعة حلب ومن باب أنطاكية أيضاً.
وأوضحت المهندسة ربى جليلاتي المشرفة على عمليات ترميم المباني الأثرية في أحياء حلب القديمة أن زيارة الفئة الشابة من اتحاد شبيبة الثورة بحلب واطلاعهم على معلومات المعالم الأثرية ونشأتها وتاريخها تشكل مبادرة قيمة، مضيفة أن البيمارستان هو دار الشفاء الذي أنشئ في العهد المملوكي مع وجود بعض المعالم التي تعود للعصر الأيوبي وهو بمثابة دليل على وجود عمليات ترميم أو بناء جديدة تمت على مرحلتين.
وأضافت المهندسة جليلاتي أن البيمارستان يتألف من ثلاثة أقسام فالقسم الخارجي عبارة عن فتحة سماوية مؤلفة من ليوان عدد 2 جنوبي وشمالي يشرفان على فتحة سماوية وتنتشر الغرف الصغيرة في محيطه بالإضافة إلى وجود بركة مياه مستطيلة الشكل تتوسطها نافورة مياه، إذ يوجد في الليوان الشمالي نظام مياه مع الأنابيب الفخارية بحيث ينجم عنها صوت موسيقي يساعد في الاستشفاء وهو نظام مهم غير موجود في باقي الأبنية الأثرية، ويليه ممرات ضيقة تساعد في الوصول إلى الغرف الصغيرة ومنها غرف مخصصة للرجال ومنها للنساء وبعض الغرف مخصصة للأشخاص المقيمين آنذاك في الدار.
وأشارت المهندسة جليلاتي إلى وجود بعض العناصر من العهد الأيوبي ووجود إضافات في العهد المملوكي، ووجود غرف مسقوفة تتوسطها قبة مفتوحة يدخل منها الضوء الخفيف والتهوية، الأمر الذي يساهم بنشر الهدوء في كل غرفة على حدة، وكذلك وجود بعض الألواح الخشبية بين الأقواس مهمتها امتصاص الزلازل وهي تعمل وفق الحركة الأفقية وتوزيع الأحمال بين الأقواس والأعمدة بما يشبه عمل حديد التسليح في العصر الراهن.
وفيما يتعلق بعمليات الترميم التي يشهدها البيمارستان، تابعت جليلاتي حديثها لـ “الجماهير” أن البيمارستان تعرض للدمار الجزئي في بعض مواقعه خلال سنوات الحرب وقد شهد عمليات ترميم أولية وبحاجة إلى مرحلة ثانية، إذ تعرضت القبة في الإيوان الجنوبي لدمار جزئي وتعرض السطح لبعض الأضرار مع وجود بعض عمليات العزل وتغيير عدسات الأسطح.
من جانبه، قال محمد تركي دياب قائد مخيم التوثيق الأثري وأمين رابطة عبد المنعم رياض في اتحاد شبيبة الثورة بحلب لـ “الجماهير” إن اليوم السادس للمخيم ضم 67 طالباً من ست روابط شبيبية ممتدة على أحياء مدينة حلب كافة، والجولة الاستكشافية للبيمارستان الأرغوني تمثل نقلة فكرية نوعية كونه أقدم مستشفى على وجه الكرة الأرضية والطريقة الهندسية التي بني على أساسها تدل على قدم الحضارة السورية، حيث جاءت أهمية المخيم التوثيقي لربط جيل الشباب بمدينتهم وأرضهم بعد تعرضهم لحرب ممنهجة.
وأضاف قائد مخيم التوثيق الأثري أن الهدف الرئيس ربط الجيل الشاب بأرضه عن طريق استكشاف الحضارة ومعرفة تاريخ الأجداد الذين ساهموا ببناء حضارة تشهد لها جميع الأمم والسعي في خوض غمار التماسك المجتمعي من خلال وجود مبان أثرية وأسواق تجارية وخانات قديمة موثقة على لائحة التراث العالمي، مبيناً أن مخرجات المخيم التوثيقي تهدف لإنشاء فريق بحثي توثيقي من خلال اختيار بعض الطلبة المتميزين ومشاركتهم في الفترات اللاحقة في مخيم مركزي على مستوى القطر.
تصوير: هايك أورفليان