*بقلم: الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة*
ضع الأشياء موضعها وحاذر
من الأخطاء جهد الاستطاعة
وباعد كل محتالٍ ذميمٍ
وقرّب من له التقوى بضاعة
قد يحدث أن يثق رب العمل بشخصٍ ليس أهلاً للثقة، فيكون ذلك مؤثراً على حركة الانتاج وأداء جميع العاملين، فإن تدارك الخطأ أنقذ ما تبقى من عمله، وإن استمر ضيّع العمل والمعمل والعمّال.
ولقد نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الحقيقة عندما
سُئل: متى الساعة؟ قال: إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة. فقيل له: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسِّدَ الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة. رواه البخاري.
على أنه عندما يوضع شخص غير مناسب في عملٍ ما فإنه ليس من السهل إخراجه من ذلك العمل إذا تقادم عليه العهد.
وعندما يتم تعيين أناس غير مناسبين في مواقع القرار، فلا ينبغي أن نستغرب من انهيار نظام العمل ومنظومته.
ومن لطيف ما قرأت قصةً تحكي حكاية رجلٍ اشترى حماراً، ومن فرحته به أخذه إلى سطح بيته. وصار الرجل يدلل الحمار ويريه مساكن قبيلته وعشيرته من فوق السطح، حتى يتعرف على الدروب والطرق.. ولا يتيه حين يرجع للبيت وحده.
وعند غروب الشمس أراد الرجل أن ينزل الحمار من على السطح لإدخاله الإسطبل، فحزن الحمار ولم يقبل النزول، فقد أعجبه السطح وقرر أن يبقى فوقه.
توسل له صاحبه مرات عديدة،
وحاول سحبه بالقوة أكثر من مرة ، ولكن أبداً لم يقبل الحمار النزول. ودقّ رجله بين قرميد السطح، وصار يرفس وينهق في وجه صاحبه، وصار البيت كله يهتز، والسقف الخشبي المتآكل للبيت العتيق أصبح عاجزاً عن تحمل حركات ورفسات الحمار.
فنزل الرجل بسرعة ليُخلي زوجته وأولاده خارج المنزل.
وخلال دقائق انهار السقف بجدران البيت ومات الحمار، واجتمع الناس متعجبين.
وقف صاحب الحمار عند رأس حماره الميت وهو مضرج بدمائه.. وقال: لست وحدك مخطئاً بل أشاركك الخطأ أنا، مكانك الطبيعي هو الأسفل، ولكني رفعتك إلى ما لا يناسبك من مكان فخربت بيتي، ونغصت عيشي، وجعلتني أضحوكة بين الناس.
والحقيقة الحزينة أن أسطحتنا أكتظت بأولئك… حتى تزعزعت دعامات وطننا الصامد الجريح المحاصر.
وسنستمر في جني الثمار الخبيثة من تدرج غير ذوى الكفاءات فى بعض المناصب الإدارية.
وإن الوضع الصعب الذى نحن فيه سببه الواسطة والمحسوبية فى التدرج للمناصب فى غالبية القطاعات.
فيا ربنا أكرم أصحاب القرار بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، تدارك وطننا يا الله.