روشان .. امرأة من حلب تحترف مهنة الوساطة العقارية “الدلالة “

الجماهير – هنادي عيسى

امرأة استطاعت في وقت قصير أن تغير نظرة المجتمع لعمل المرأة، إذ أنها خاضت مجالاً لطالما تفرد وتحكم به الرجل لعدة عقود من الزمن ألا وهو” الدلالة ” ..
تتميز بالأناقة ونبل الأخلاق والاجتهاد في العمل استطاعت في فترة قصيرة لاتتجاوز العامين أن تثبت جدارتها في عمل الوساطة العقارية لتضيف على هذا العمل صفة اللباقة واللطف الذي تتمتع به الأنثى .
ومن وراء طاولة مكتب في محل صغير ومتواضع وبكل ثقة وإصرار وعزيمة بدأت السيدة ريم أو روشان اسم عرفت به في مجال عملها في الحديث مع ” الجماهير ” بأن قالت ( المرأة تنجح بكل مجالات الحياة بمصداقيتها وثقتها بنفسها وعطائها ) ..
ريم سيدة في العقد الرابع من العمر أم لأربعة أطفال وهي كغيرها من السيدات تكابد مشقة الحياة وتصارع الأيام لتكون سنداً لأبنائها وعونا لهم بعد أن فقدت زوجها الذي كان سندها في الحياة ..
تقول ريم : بعد أن توفى زوجي عملت في مهن متعددة ووظائف كثيرة لاتعد ولا تحصى ونتيجة لتجارب عديدة بدأت أفكر بعمل خاص بي يكون ناجحا وله وقع في المجتمع، وطرأت لي فكرة “الوساطة العقارية “عندما كنت أعمل مندوبة لشركات الألبسة متنقلة بين المحافظات السورية وبسبب ظروف الحرب وتوقف العديد من الأسواق عن العمل ضعف دور المندوبة وتوقف عملي ..
هنا بدأت فكرة العمل في الوساطة العقارية تلح أكثر وأكثر لذلك عملت على تنفيذ الفكرة وتوجهت لمجال بيع العقارات ، هذا المجال حتى الآن لا توجد أية امرأة تعمل به في المجتمع ، لذلك أحببت أن أخوض هذه التجربة وبعد أن خضت التجربة منذ عامين ونصف أحببتها كثيرا ، ولقد اكتسبت من هذه المهنة الكثير حيث حصلت على خبرة كافية في التعامل كما اكتسبت مهارة بيع المنازل وابرام العقود العقارية مستفيدة من تنقلاتي الكثيرة بين محافظات عدة منها ( – القامشلي – دير الزور – حلب – اللاذقية ) نظراً لظروف الحرب التي كانت تعيشها البلاد .
_ وتكمل السيدة ريم وتتحدث عن الأسس والامكانيات التي يتطلبها بدء العمل في مجال بيع العقارات حيث قالت : بأن العمل غير متعلق بتوفر النقود أو السيولة ، بل يعتمد على كسب ثقة الشخص الذي يأتي إلى المكتب العقاري حتى يؤجر أو يستأجر أو يبيع أو يشتري، والاقتناع بالربح المقبول والمعقول المناسب للطرفين ، إضافة إلى أن هذه المهنة تحتاج للتحلي بالصبر “البال الطويل” إذ أن هناك أشخاص تكون شروطهم صعبة، وبهذا العمل يجب أن نضمن حق الطرفين ولا يجب أن ننحاز لطرف ضد الآخر ، إذ أن عملنا هذا يتطلب فكر تجاري وعلاقات متنوعة بين مختلف طبقات المجتمع، أيضا يحتاج إلى بال طويل واتقان المقدرة على جذب الزبون بالكلام والاقناع .
وتضيف لتتحدث عن النسبة التي يأخذها المكتب العقاري فتقول أن النسبة كانت قبل الأزمة ١% وهناك دراسة حاليا من المرجح أن تسهم في زيادة النسبة ولكن هذا الأمر يعود لرغبة كل شخص فهناك أشخاص يدفعون/ 2% أو 1ونص % / ، وأشخاص آخرين يدفعون أقل من ذلك، ونحن نقبل ذلك من أجل الاستمرار في العمل. وحاليا بالنسبة للبيع والشراء فمنذ ثلاثة أشهر تقريبا أي بعد صدور مرسوم البيوع العقارية أصبح العمل خفيفا جدا ، ولم أتمكن من تأجير أو بيع سوى عقار واحد خلال هذه المدة، لكن هذا الشهر تحسن الوضع ويوجد طلب على الإيجار والبيع وذلك بعد أن استوعبت الناس القانون وصار أوضح بالنسبة لهم .
وعن أبرز صعوبات العمل التي تواجهها في العمل تقول ريم : ليس هناك اشكاليات كبيرة لكن أكثر ما يزعجها هو أنها تكون قد اشتغلت على معاملة بيع أو أيجار لمدة معينة وقد بذلت قصارى جهدها للتوفيق بين الطرفين ثم تكتشف أن الطرفين اتفقوا بين بعضهم البعض خارج المكتب دون الرجوع إليها .

– تقبل المجتمع للفكرة
وعند السؤال عن مدى تقبل محيطها القريب منها وأفراد المجتمع للفكرة تقول ريم: لقد تربيت على الاعتماد على ذاتي وقبل أن أختار أي خطوة يجب أن ادرسها بشكل جيد وبعدها اتخذ القرار المناسب وأكون أنا المسؤولة عن أي اختيار وأي قرار اتخذه ، وبالنسبة لمحيط الأقارب عندما رأوا أن اختياراتي دائما صحيحة قالوا لي بالتوفيق وكانوا إلى جانبي دائما ،أما المجتمع فهناك بعض الأشخاص لديهم أفكار متعصبة لا يتقبلون أن تكون امرأة وسيطة عقارية وأن يكون لديها مكتب خاص ، مبينة بأن الأنثى التي تحترم نفسها تستطيع أن تفرض احترامها في أي مكان توجد به .وأنها تعرضت لكثير من المواقف التي تشير إلى نظرة الرجل القاصرة منها في إحدى الاجتماعات كان هناك شخص يتكلم عن منطقته وأن الأسعار فيها انخفضت فطلبت منه أن يعطيها عرض للأسعار أو رقم هاتفه فقال لها: أنا لا أتعامل مع السيدات فقالت له : براحتك كما تريد وجلست في مكانها وتابعت الاجتماع بكل أريحية ..إذ أن إجابته لم تؤثر عليها لأنها واثقة من نفسها ومن إمكانياتها وأن عملها سوف يكون ناجحا أكثر لأنها تؤمن أن المرأة تنجح في أي مجال في الحياة عندما تحب ما تقوم به وتعمل بصدق وتعطي عملها من قلبها وبكل الإمكانيات الموجودة لديها .
وتتابع ريم وتقول بأن عملها لا يختلف كثيراً عن عمل المدرسة فهي تختلط بالرجال ويكون لديها اجتماعات في التربية وتؤدي واجبها على أكمل وجه، كما لا يختلف عن عمل المهندسة المدنية التي تذهب إلى مواقع العمل للمعاينة وتختلط بالرجال وتقديم فكرة للمجتمع أن المرأة التي تتخذ مهنة ذات طابع ذكوري وتنجح بها قادرة على النجاح و الوقوف إلى جانب الرجل والسير معا للنهوض بالبلد والسعي لتطويره مؤكدة بأنه عندما يكون هناك هدف و طموح يستمر الإنسان فهو أينما ينظر يرى نافذة للتطور ليثبت ذاته من خلالها حتى لو كان الفشل مصير محاولاته العديدة يبقى متشبثا بالأمل ليبعث في داخله القوة للتنافس لإثبات ما يطمح له .
وتنهي ريم حديثها بتكرار أن المرأة تنجح في كل مجالات الحياة عندما تتحلى بالصدق والثقة بالذات فضلا عن أن يكون عطاؤها بلا حدود فالعطاء ينمي العطاء فتعم الإيجابيات في كل طبقات المجتمع وبذلك تزيل الأنثى النظرة القاصرة لها وتمييز الرجل عنها والتحيز دائما له موضحة بأن كل ما تقوم به تجاه العمل يثبت جدارتها وهو في الأول والأخير من أجل عائلتها وأبنائها الصغار .
ت: هايك أورفليان

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار