د . محمد فتحي عبد العال
ثمة سؤال هام يطرحه البعض حول كوفيد 19 لماذا يرافقنا الصداع كصديق حميم بعد الإصابة ولمدة طويلة ؟
يمتاز الصداع المصاحب لكوفيد بسمات مميزة جعلته يطلق عليه صداع كورونا فهو صداع متدرج من معتدل إلى حاد القوة يتبعه شعور بنبض أو ضغط على جانبي الرأس ويزداد في السوء عند الانحناء .
والتفسيرات تجنح في اتجاه خلايا الدم المونوسيت غير الكلاسيكية nonclassical monocytes والتي تقبع في أجساد المتعافين بعد مضي 15يوما من الإصابة وهي قادرة على الالتصاق ببطانة الأوعية الدموية وعبور الحاجز الدماغي الوعائي والالتحام بمستقبلاتها مسببة الالتهاب عبر تحرير الكيموكين دلتا fractalkine/CX3CL1 وهو من عائلة السيتوكينات الالتهابية الصغيرة ويعمل على توسعة الأوعية الدموية مسبباً الصداع .
وهل هذا هو التفسير الوحيد لهذا الصداع وماذا عن باقي الأعراض الأخرى ؟ بالطبع إلصاق التهمة بعاصفة السيتوكين التي يتمخض عنها الفيروس كسبب رئيسي لكن ليست وحدها السبب فقد كشف العلماء مؤخرا علاقة تربط بين فيروس كوفيد 19 وفيروس ابشتاين بارEpstein-Barr أو فيروس الهربس البشري المسبب للحمى الغدية حيث وجد هذا الفيروس في فحوص الدم لمصابي كوفيد 19 ومن أعراضه الإرهاق الشديد والطفح الجلدي والصداع والحمى، وقد يمتد أثره ليطال الطحال مضخما إياه والكبد مسبباً انتفاخه، وهو ينتقل عبر سوائل الجسم كاللعاب والدم والسائل المنوي .بالطبع تبدو أعراضه للوهلة الأولى ليست خطيرة وعادة ما يتحسن مرضاه في غضون أسبوعين إلى شهر لكن إشكاليته الحقيقية في كونه فيروساً مؤبداً فقد تصاب به وتتعافى لكنه لا يرحل ويبقى كامنا ومنتظرا لمن يعيد تنشيطه من جديد، وربما كانت قدرة كوفيد على تحفيز هذا الفيروس هي السبب في ملازمة بعض الأعراض كالإرهاق والطفح الجلدي والصداع لبعض المرضى .
الحقيقة أن حلقة اليوم ربما يغلب عليها كثير من السوداوية لذا لزاماً أن نطرح أمراً فيه كثير من الطرافة والدعابة وقبل أن نمضي في طرفتنا العلمية نطرح سؤالا هل سمعت يوما عن الجاشنكير؟
ربما قرأت في التاريخ المملوكي لتعرف معنى هذه الوظيفة المهمة في حياة الحكام والسلاطين ألا وهي وظيفة متذوق الأطعمة، وهي ليست بالوظيفة السهلة، فعلاوة على كونها وظيفة خطرة قد تودي بحياة صاحبها، إذ من واجباته أن يتناول الأطعمة والأشربة قبل السلطان أو الملك حذر الموت بالسم الزعاف، فهي أيضا وظيفة تعتمد على الذوق الرفيع، وحديثاً اكتشف الباحثون جين مستقبلات الطعم المر ويسمى TAS2R38 والذي عادة ما يحمل المرء نسخة واحدة منه ولكن حينما يجتمع للشخص نسختين من هذا الجين من أبويه هنا نطلق عليه الذواقة!!!.
وقد وجد أن تنشيط جين مستقبلات الطعام المر يؤدي إلى تعزيز المناعة عبر إنتاج أكسيد النيتريك الذي تحركه أيونات الكالسيوم، وكلاهما له دور مناعي، فأكسيد النيتريك قادر على تدمير الميكروبات وأيونات الكالسيوم تحفز الخلايا التنفسية لإطلاق مضادات الميكروبات ..