الجماهير – بيانكا ماضيّة
ويغلبك المشهد المتواري خلف الاستعارات، وتدقّ الساعة على أن لا بديل للحقّ كي يأخذ كل هذا الكم من الغثاء، (الرحمة لروحه والعزاء لكم) الجملة المتكررة كلما آن لنا أن ندخل هذا العالم المضطرب، المضطرم بالموت، بنيران الحقد والكراهية، وكم امتلأت القبور بجثث الرافضين.
سجناء نحن، سجناء الوهم، إن لم ننقذ أرواحنا من كل هذا السيل الجارف ستأخذنا الهاوية إلى حيث لا كلمة تنفع، ولا حروف تقال.
نغوص حتى آذاننا في لجج الصمت، وصوت الحق يجلجل في الأقاصي، وصوت الخديعة والخيانة والرداءة والقبح يبعث بكل وقاحة بذبذباته، ولن نكون صمّاً بكماً، الكلمة السلاح هي الأداة، وصوت الرصاص هو الأقوى.
من أجل القضايا الكبرى مضت الأشلاء تحت التراب، ومازالت هذه القضايا يلتهم الكفر أكباد المدافعين عنها. لا إله للكفر، لا إله للحرب، وحدهم الرافعون راية الحق ينتصرون له، لذاك الإله الذي خلق فسوّى فاستراح.
المعاناة التي تغمرنا بفيض مقتها، أزهقت أرواحنا الساعية إلى الخلاص، وما من خلاص، نحن هذا الحبل المشدود الطرفين، تمزّقنا الشعارات الفارغة، منغمسون نحن حتى آذاننا في ضجيج هذي الحرب التي أكلت كل أخضر فينا.
ولكنّا سنحيا، كل موت وراءه حياة جديدة، وكل معاناة لا بدّ راحلة.