بقلم محمود جنيد
لأن الحدث يستحق ذلك التحول الطارئ السابق لأوانه ربما لأكثر من عقد من الزمن، أخذت جميع التدابير اللوجستية اللازمة لذلك عن بعد، وشاركت مجازياً ضمن عالم مارك التخيلي “الميتافيرس”، و أنا في البحرين بمراسم تشييع الراحل الباقي في صميم الذاكرة و الفؤاد، قلعة الفن الأصيل، الحافظ المحافظ على التراث والهوية الغنائية الفنية ( صباح “فخري” أبو القوس)، كنت هناك قلباً وقالباً في عاصمة الثقافة و الفن و الحضارة، مسقط رأس العظماء، حلب الشهباء ومنهم “فخرينا” حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
على الطرف الثاني من التواصل المرئي مع الأهل في حلب، ينبري آخر عنقود عائلتي “أحمد” الذي لم يكمل عامه الرابع، مربتاً على كتف أمه بلكنته الطفولية” صباح فخري..صباح فخري”، يقصد صوت غناء المرحوم المنبعث من كمبيوتري المحمول، الذي أصبح رفيق خلوتي..يرفع الآذان وينشد الموشحات ويغني القدود، ويحلق بالمواويل، بهذه الطريقة ضمن الفخري خلوده في صميم الذاكرة التي ستحيا جيلاً بعد جيل ..
كما قلنا سابقاً، رحيل الفخري الكبير، ابتعثه من جديد، حتى أن الخادمة الفليبينية في مكان إقامتي، ولما عرفت بأني من حلب/ سورية، واستني وأكدت بأنها تعرف الراحل لأنه بمثابة الأسطورة و أظهرت صورته على واجهة هاتفها الخلوي، عدد من المغتربين السوريين، حرصوا على أن يعزوني بمصاب فقد صناجتنا، وحنجرة طربنا الذهبية ( صباح فخري)، الحدث الجلل كان #تريند على مستوى العالم ..لأن من رحل هو سيد سادات الطرب و الفن الأصيل.
كان يستحق ذلك التشييع اللائق المهيب ..وهذه المرة سار في رحلته الأخيرة على طريق الشام – حلب التي رثته قبل أن تطيب ثراها لاحتضان جثمانه المتجذر في أعماقها، محمولاً على الأكتاف راسياً في وجدانها ..وقد بر بالوعد و العهد عندما غنى: درب حلب ومشيتو كلو شجر زيتون..حاجة تبكي وتنوحي ..بكرا راح نجي ياعيوني..بكرا راح نجي ياعيون عيوني …!
رجع الغالي ..رجع الفخري ياموو..