يا لدماء الشهداء.. ما هكذا تكتب العناوين!

بقلم بيانكا ماضيّة

عناوين صادمة تهز الأبدان أطالعها في بعض الأحيان عبر مواقع تقفز لي في الصفحة الرئيسة لموقع التواصل الاجتماعي، وتندرج تحت عناوين مواقع أو صفحات موصى بها.. من هذه العناوين لفت نظري عنوان (دوّرت ع نقطة زيت بشي صحن ماشفت”..كيف تلطخنا بالانتصارات المتسخة؟! أعتقد أنكم وصلتم إلى الكلمة الصادمة في هذا العنوان!!.
قرأت المقال وإذ ببعض المفردات المدسوسة كالسمّ، على غرار تلك الكلمة الصادمة في العنوان، الفقر والجوع والحاجة لم تعد وقفاً على أفراد معينين في بلدنا، فجميعنا يرزح تحت عبء اقتصادي ثقيل أعدّه لنا بكل تخطيط شيطاني من كان خاسراً في تلك الانتصارات النقيّة المشرّفة، وكلنا يبحث “عن نقطة زيت بشي صحن” فلا يجد!!.
انتصارات متسخة؟! ياللهول!.. كيف ستكون الأمور لو لم تكن تلك الانتصارات؟! وأي عناوين كان سيدبجّها أولئك الكتّاب الذين أضاعوا البوصلة حقاً، هل كنا سنقرأ عناوين من مثل: العبودية في أحطّ أشكالها؟! المستنقع السوري إلى أين؟! الزمن الضائع من أيدي السوريين؟! إلى غيرها من عناوين تكاد تكون التي ذكرتها أخفّ ثقلاً من غيرها.
ماذا لو لم تكن تلك الانتصارات؟! تعود بي الذاكرة الآن إلى المشاهد الدموية المأساوية التي حصلت في مدينة الرقة حين كانت المدينة الداعشيّة بامتياز.. إلى الفتاوى والفرمانات التي كانت تطلق بكل وحشيّة وعنف وإجرام.. تعود بي الذاكرة إلى مشاهد الجنود الذين اصطفوا إلى جانب بعضهم البعض في اللحظات الأخيرة مما قبل قطع رؤوسهم، إلى مشاهد الاغتيالات، إلى التفجيرات، إلى قذائف الموت والدمار، إلى صيحات التكبير التي باتت عنواناً لمجازر سترتكب، إلى معابر الموت، إلى صيحات الأطفال الجزعين، إلى ولاويل الأمهات وارتعاشهن خوفاً، إلى كل تلك المشاهد التي انتهت بإنجاز انتصارات أسطوريّة، كتبها ومازال يكتبها التاريخ السوري بأحرف من دم وألم.. هذا ماكنا سنحياه إلى اليوم لو لم تكن تلك الانتصارات!.
انتصارات متّسخة؟! يا لبؤس هذا التفكير، يا لدماء الشهداء الذين شربوا نخب الخلاص، الذين قدموا أرواحهم في سبيل أن تتوالى هذه الانتصارات، بأي فم ملآن نقول: انتصارات متسخة، وهم الذين جاعوا فأكلوا من حشاش الأرض، ظمئوا فارتووا من مياه ملوثة، أمضوا نهارات وليالي من دون كسرة خبز، ورشفة ماء، ضاعوا في الصحارى والبراري ولا يعلم أحد بعد أين استقرّت جثثهم، حاربوا بكل ما أوتوا من حبّ للوطن، من أجل أن لا نكون عبيدين لأعدائنا، لأجل أن تنعم هذه البلاد بالاستقرار، لو لم تكن هذه الانتصارات لكنّا سنباع، رجالاً ونساء، في سوق النخاسة، لكنّا سنبحث عن نقطة كرامة “بشي صحن” فلا نجدها، لا أريد أن أنكأ الجراح التي أدمت أجسادنا وقلوبنا وأرواحنا، ولكن ماهكذا تكتب العناوين، وما هكذا تكتب آلام السوريين!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار