عتاب ضويحي
لا أعرف إن كان من محاسن الصدف أو من مساوئها، تواجدي في صالة خدمة المواطن ببريد الجميلية، بغرض استصدار ورقة بيان عائلي، كانت الساعة تقترب من الثانية والربع، وكان عدد المراجعين لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، أصبحنا جميعاً كالكرة يتقاذفها الموظفون بينهم، كوسيلة لإضاعة الوقت، والتذرع بحجة إقفال الصندوق ، هكذا حتى خرج أحد الموظفين من مكتبه وبدأ برفع صوته وتأنيب الموظفين لصدهم وردهم مع المراجعين الذين كانوا يستفسرون فقط ، وعندما أجابته إحدى الموظفات بأنها طلبت من الحارس بعدم إدخال أي مراجع، ما كان منه إلا أن قال بالحرف الواحد ودونما خجل أو حياء “وقفوا كل شي وعمرينهن”.
وسط الذهول والدهشة من تجاسره الصريح الواضح، ردت عليه إحدى المراجعات: عيب أستاذ انتق ألفاظك نحن مراجعين وهذه الصالة لخدمة المواطن، ليرد بتطاول أكثر “شو رأيك أفتح الصندوق مشان حضرتك، تفضلي اطلعي لبرا”، لينتهي السجال ويخرج كل من كان في الصالة، ويبقى ذلك الطاووس على كرسيه الذي من الواضح أنه الكرسي هو من يملأه، وليس العكس.
أمور كثيرة راودتني لكيفية التعامل مع هذه النوعية من الموظفين “هل نحن بحاجة فعلاً لافتتاح “مكتب سوء المعاملة “بالقرب من الدوائر الحكومية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن، أم نحتاج لدورات خاصة لتلقينهم حسن التعامل الراقي مع المراجعين، ربما لا فائدة من كلتا الحالتين لأننا لم نتمرن بعد على ثقافة الشكوى، ولا فائدة من الدورات لأن الطبع يغلب التطبع، وكل إناء بما فيه ينضح. والحقيقة التي لا مفر منها أن افتقار وافتقاد بعض الموظفين لأدنى حدود أخلاقيات المهنة، فيه إساءة حقيقية للواجهات الزجاجية الأمامية لمؤسساتنا الحكومية.
ويبقى السؤال يدور في الفلك متى يدرك بعض الموظفين أنه حين يعتلي كرسي المسؤولية فهو لخدمة المواطن، ولماذا سوء معاملة المراجعين ديدن بعض الموظفين؟؟..