بقلم: محمود جنيد
مررت بقوم مرابطين على تخوم خط النار بانتظار دورهم لنيل مخصصاتهم من المازوت الذكي؛ دور على مد النظر صبغته “البيدونات” بألوان قوس قزح، وأحدهم لفت نظري كان يهرول بالمكان من شدة البرد على حد ظني.
كنت مستقلاً سيارة أجرة؛ منتشياً بصيدي الثمين من الغاز المنزلي الذي تحصلت عليه هذه المرة في غضون 53 يوماً، مع فارق في التكفلة التي وصلت إلى نحو 15 ألف ل.س، بتفاصيل 10 آلاف و800 ل.س للجرة الصدئة؛ شبه التالفة (ماعندو ميّة يرجعلي) والباقي أجرة التاكسي رغم وجود معتمد على رأس حارتي ولم أنجح رغم محاولاتي الحثيثة توطين دوري لديه، بينما في المرة السابقة كانت التكلفة مع المواصلات نحو 8 آلاف.!
صدمة الزيادة بالتسعيرة المدعومة لاسطوانة الغاز، التي فوجئت بها بعد العودة من سلسة سفرياتي خارج القطر بمهمة عمل صحفي رياضي رسمية، دون نظير من زيادة على راتبي الشهري كموظف لا يكفيه دخله لتغطية تكلفة (الأمبير أو الهمبير) والمواصلات والخبز، لم تكن أقل وطأة من صدمتي برؤية أحد جواري الذين سجلت معه وبنفس اليوم على دور ال50 “ملطوش” من المازوت يقف في الدور قوس القزحي، بينما قال لي “وين” بأن علي المزيد من الانتظار قبل التنعم بالوقوف على الطابور في الوقت الذي يرفض فيه أولادي الاستحمام بالماء المغلي على “الطنجرة” احتفالاً بقدوم جرة الغاز؛ بداعي البرد القارس، مع خروج سخان الحمام عن الخدمة شأنه شأن البراد الذي تحول إلى شعرية” نملية” بسبب واقع “القهرباء” المصوفر.!!
بدأت أفكر بإبر بنج، لتسكين وجع العائلة او الهروب من عجزي و مسؤولياتي تجاهها: أبشروا؛ رح نستحمم وقت تشغيل عنفتي المحطة الحرارية، وكسوة الشتاء والطبخة الدسمة ومعالجة الأسنان المسوسة لحين زيادة الرواتب أو الحصول على دخل جديد من فرصة عمل خامسة فوق اللي عم اشتغلن ووووو…
ماعرفت؛ وخلينا عم نحكي بالعامية لأن ماعاد حدا يفهم بالعربي الفصيح في زماننا الأغبر، ماعرفت ليش ما اقتنعوا بكلامي مع أنو كتير واقعي، فما كان مني إلا واختليت بآخر العنقود أبو ثلاث سنوات ونصف، وطلبت منو يوصل الرسالة بطريقتوا المسيطرة ع الكل: بعد كام يوم رح يجي “بابا نويل” ويزبطلنا الأمور …تصرف من عندك ..الجميع التف حوله بعد صراخه فرحاً “هيييييييي” لسماع شو “الكذبة” …!!أقصد الخبرية المفرحة، وأنا هممت بالهروب من المعمعة …واللي بحب النبي يخلي..!!
ياحزركم منين تعلمت هالأسلوب اللي بيجي منّو ؟!!