زينب شحود
في كل صباح مع زقزقة العصافير يستيقظ المواطن الأنيق ليشرب فنجانا من القهوة بكل هدوء على الانغام الفيروزية ليذهب إلى عمله بكل شغف ومحبة ونشاط !!!
حسنا، أيها القارئ لقد سمعت قهقهتك، لذلك إنسَ الجملة الخيالية السابقة ودعنا نتحدث بواقعية…
أي نعم تلك الجملة كانت نسجا خياليا تسرب من المدينة الافلاطونية ماعدا الاستيقاظ صباحا، فمواطننا يستيقظ متأخراً، ويغسل وجهه ببضع قطرات مياه تكفي نصف الوجه فقط لأنه على عجلة من أمره حتى يستطيع اللحاق بالحافلة لتقله إلى مكان عمله ( على حسابه طبعا) ولا يتسنى له سوى ارتشاف بضع رشفات سريعة من فنجان القهوة أما بالنسبة للأناقة فهذا متوقف على نصف الراتب المزاجي المتبقي بعد شراء نصف المستلزمات الضرورية للبقاء على قيد الحياة كون مزاجية الراتب تجعله يقرر الطيران بعيدا بعد حلوله ضيفا لمدة 7 أو 10 أيام على الأكثر ، وفيما يخص الانغام الفيروزية فهو يملك وقتا للاستماع إلى نصف أغنية فيروزية فقط وهو في طريقه للعمل واقفا في الحافلة كنوع من التغيير لأنه سيجلس طويلا وراء نصف طاولة حديدية مزروعة في بلاط المكتب وقد امتلأ نصفها الأخر بالأوراق والمصنفات حتى تكاد الهبوط ، ويتكئ على نصف كرسي خشبي دون ساند للظهر ذو ثلاثين عاما مقاوما لكافة الأوزان والأحجام التي تجلس عليه، وفي النهاية عندما يعود للمنزل يأكل نصف الغداء فقط كونه متعبا يريد اخد قيلولة صغيرة يوقظه في منتصفها قرقعة زوجته في المطبخ تحاول إصلاح صنبور المياه كون الشهر في منتصفه ولا يمكن استقدام عامل الصحية لتصليح الصنبور وهكذا يعيش حياته هذا المواطن في منتصف كل الأشياء ساعيا لإكمال النصف الآخر منها ولكن دون جدوى.