الجماهير – بيانكا ماضيّة
أبي، حفظ الله آباءكم وأمدّ في أعمارهم، بلغ الثمانين، وهو منتسب حالياً لأخويّة مار سمعان وحنّة التابعة لكنيسة اللاتين بحلب، وجلّ أعضائها ممّن هم فوق الستين عاماً.. وتستعد هذه الأخويّة في هذه الأيام للاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة، إذ يتدرّب أعضاؤها على مقاطع مسرحيّة سيؤدّونها أيام الميلاد.
وبما أنّ أبي يحب الغناء لفريد الأطرش، وصوته قريب جداً من صوته، وهو يعشقه حدّ الثمالة، فإن الفقرة التي سيؤديها على المسرح هي أغنية (ياعوازل فلفلوا) بث حي ومباشر، وبما أنّ الأغنية تحتاج إلى بعض التمرين، فهو مشغول حالياً بالتدرّب عليها، فلا أسمعه إلا وهو يغني والسماعات في أذنيه: (أخاف للناس يشوفوا عينيه) ..
البارحة، قبل أن أنام، وما إن وضعت رأسي فوق الوسادة حتى وجدت نفسي أغني (أخاف للناس يشوفوا عينيه) أبعدت الجملة عن ذهني وغطست في النوم.. المهم ليست القصة هنا في هذا التفصيل، بل في الحديث الذي دار بيننا اليوم على الغداء، إذ بادر بالقول:
– شو رأيك صارت وصارت ورح اطلع ع المسرح..
– اي؟
– أحاول أدخل بموسوعة غينيس، صباح فخري مو أحسن مني..
– اي شو عليه! وكم ساعة رح تقضيها ع المسرح؟!
– يعني بحاول شي 13 ساعة لحتى أسبق صباح..
– اي وبنفس الغنية؟! ضحك وقال:
– اي لأن ماتمرّنت على غيرها..بس المصيبة إذا بقيت لحالي بالأخير أنا والكراسي….قلتله:
– أعتقد من الأول رح تبقى أنت والكراسي، حتى العوازل رح يفلّوا! قلي:
– معلش، المهم بكون حققت حلمي ودخلت موسوعة غينيس بالغناء لفريد الأطرش! قلتله:
– اي ورح ابقى أنا معك بس لحتى أصورك وأنقلك مباشر ويشوفك العالم كله، بس المشكلة إذا هنن كمان فلّوا، لأن مو معقول تضل 13 ساعة عم تغني ياعوازل فلفلوا، والناس تقعد تسمع! قلي:
– إن شاء الله مفكرة رح ضل غنّيها بنفس المقام؟! قلتله:
– لكان؟! قلي:
– كل مرة رح غنيها بمقام، مرة بيات، مرة سيكا، مرة نهاوند، مرة عجم، مرة صبا..
– يااااعيني..
– اي لكان لحتى يعرفوا الأصوات الحلبيّة شو بيطلع معها…..بحبشيلي بهالنت وطالعيلي أغاني من التراث، قدود مثلاً، صار وعم نحتفل بإدراجها في قائمة اليونيسكو…
– اي؟! وشو رح تعمل بالقدود؟!
– رح جدد وحدّث وطوّر فيها..
– يااااااحبيبي! على هالحالة رح يكيّف عليك أبونا إبراهيم صبّاغ!
“وياعوازل فلفلوا”.