بقلم: الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
عمرٌ مضى وجميعُ الكونِ يرمقُنا
يا كلَّ شعبيَ يا خيرَ الورى نَسَبا
وقد تعلَّمتِ الأكوانُ موقِفَنا
صبراً وعزماً ونصراً رائداً عَذُبا
فكلُّ عامٍ وأنتَ الخيرُ يا وطني
جاءَ الأمانُ وعنكَ الكربُ قد ذهبا
هي أبياتٌ صغتها بنبضِ القلب معايداً بها أبناء وطني بكلِّ أطيافهم بعيد الميلاد المجيد وبقدوم عامٍ جديد.
وما من شكِّ يتسرّبُ إلى العقل في مُسلّمةٍ فطريةٍ وقيمةٍ إنسانيةٍ عظيمةٍ هي ” حب الوطن” فحبُّه فريضة والوفاءُ له واجب والانتماءُ إليه عقيدة في القلوب.
إن حبّ الوطن ليس مجرّد كلمات لا تجدُ لها آذانٌ صاغية، ولا مشاعر لا تجدُ لنفسها ترجمةً على أرضِ الواقع بل هو وجودٌ يُنيرُ القلبَ ويؤصّل الفكر ويوجِّههُ نحو صوابيّة المواقف وسموّ الأهداف.
حبُّ الوطن هو ديدنُ النفوس العظيمة السوية التي لا يملك الإنسان إلا أن يُنمّيه ويُنمّي استعداده للبذل والتضحية في سبيله.
وفي هذا العام الجديد يطيبُ لكلِّ محبٍّ للوطن أن يعايده بكلِّ مكوّناته وأطيافه الرائعة، هذا الوطن العظيم الموغِل في التاريخ قِدماً؛ وطنُ أقدم الحضارات والمُدن على وجه الأرض، مملكة ماري، وأوغاريت، وراميتا، وأفاميا، وغيرها. حيث كانت أولى خطوات البشر على ثراها الطاهر؛ إنها منبرُ التاريخ ومحرابُ الجغرافيا.
نعم منبر التاريخ سورية وقف على ثراها الطاهر السومريون والأكاديون والكلدانيون والكنعانيون والآراميون والحثيون والبابليون؛ صدحت بأبجديتها فكانت صحوتُ الأكوان من صدحتها، وهي محرابُ الجغرافية لأنها مهد الديانات السماوية ولما يُمثِّلُه موقعها من أهمية عُظمى في الماضي والحاضر والمستقبل.
هذا عامٌ جديد يسيرُ في لحظاتنا ونحنُ متجذرون بهذا الوطن “سورية” يسيرُ هذا العام في حياتنا فيُلوّنُها بلون الأمل ويُضفي عليها الاستشراف إلى المستقبل ليكون دافعاً للجميع نحو بذل الجهد والجدية في العمل، ليعود وطننا كما كان قوياً مُعافى.
نحنُ في سورية تَغمِرُنا مشاعرُ السرور عندما نَدخُل في عامٍ جديدٍ بعد ما مضى من أعوامٍ كانت الأقسى على شعبنا ووطننا.
نحنُ في سورية تنتابنا مشاعرُ الفخر ونعيشُ المجدَ من جديد رغم كلِّ الجراح والآلام لأننا ننتمي إلى وطنٍ دخل رحى التآمرُ الكوني عبر سنواتٍ عجاف ثمَّ خرج حاملاً معانيه السامية؛ ومُبلسماً جراحاته؛ داعياً أبناءه للبناء والتطوير، مُنطلقاً من جديد في فضاءات التقدُّم.
كلُّ الوفاء والانتماء لوطن العظماء سورية المجد والعطاء