بقلم عبد الكريم عبيد
عندما تتحول العاصمة الأوكرانية كييف إلى مقر عمليات وملتقى مخابرات عالمية وعلى رأسها C.I.A وكالة المخابرات المركزية الأميركية فهذا يفتح الباب واسعاً أمام جملة من الأسئلة والاستفسارات … لماذا هذا التحشيد في كازاخستان …؟
ولماذا هذه الحركة المشبوهة باتجاه دول وسط آسيا …؟ وتحديداً من قبل دول حلف الناتو ولاسيما بعد انسحابه من أفغانستان, هذه الدولة التي تشكل عقدة ربط بين مجموعة من الدول المهمة مثل الصين والهند وإيران وباكستان مروراً بدول طريق الحرير وصولاً إلى الشرق الأوسط .
دول منظمة الأمن الجماعي سارعت إلى احتواء الأمر والتدخل لاتخاذ قرارات عاجلة وسريعة لتطويق الأزمة قبل استفحالها انطلاقاً من قناعة الجميع أن النار إذا لم تخمد في مهدها ستحرق الجميع في دول آسيا الوسطى وبخاصة تلك التي تنضوي في اطار منظمة الأمن الجماعي .
لكن السؤال الأكثر إلحاحاً لماذا كازاخستان .. وفي هذا الظرف بالذات ؟
من يقرأ كينونة الأحداث وتطورها ووتيرة تصاعدها في آسيا الوسطى وحتى الوطن العربي يدرك تماماً أن الذي حدث لا ينفك إطلاقاً عن مجريات الأحداث في سورية والعراق ولبنان وفلسطين وسواها التي هزمت فيها المشاريع الأميركية الغربية شَرَّ هزيمة وتمرغ أنفها في الوحل وضاعت هيبتها وبدأت ارتداداته إلى الداخل الأميركي ولا أدلَّ على ذلك من الخروج المذل للقوات الأميركية من أفغانستان ومعركة الكابيتول التي حدثت السنة الماضية ودارت رحاها على أبواب البيت الأبيض عندما تصرف العقل السياسي الأمريكي بعقلية أصحاب الشوارع والبلطجة مبتعدين في ذلك عن العقل المؤسساتي الذي تتباهى به أميركا عبر تاريخها وتدعي أنها دولة مؤسسات وأنها هي من رسخ مفاهيم الحرية والديمقراطية، هي فشلت في أن تكون مثالاً فأرادت أن تجعَل روسيا تدفع ثمن وقوفها إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب وتحقيقها لإنجازات كبيرة في هذا المجال عندما ضربت وبشكل محكم المعاقل الإرهابية بالتنسيق مع الجيش العربي السوري والأصدقاء .
هم حولوا “كييف” المحاذية تماماً لكازاخستان إلى غرفة عمليات ليعبثوا في أمنها عبر مجموعات إرهابيه, وبذات الطريقة والأسلوب المتبع في سورية … وعندما ينجحون في ضرب البنية المؤسساتية واستقرار كازاخستان وتعم الفوضى في المنطقة فمن الطبيعي عندئذ أن تمتد نارها إلى روسيا على اعتبار أن هذه الدولة غنية بمقدراتها وإمكاناتها الاقتصادية والتنموية أضف إلى ذلك أنها الحديقة الخلفية لروسيا الاتحادية التي كانت متخوفة من أبعاد هذا المشروع الذي يهدف إلى زعزعة استقرارها عبر ضرب استقرار دول الجوار وبذلك تتحول إلى دولة فاشلة وتُجبَر على الانسحاب من المشهد الدولي الذي أوجدت لنفسها موطئ قدم وكسرت الأحادية القطبية التي انفردت بها أمريكا منذ تسعينيات القرن الماضي حتى بدايات القرن الحالي .
لكن كما يقال حسابات السوق ما طبقت على الصندوق .
لكن هذا لا يعني أن الأمريكي قد سَلًّمَ بالهزيمة …إطلاقا …. وسيعيد الكرة ثانية وثالثة و….والقادم من الأيام سيبرهن على ذلك .