الجماهير – أسماء خيرو
جوهر الوظيفة أن تؤمن لك معيشة تليق بك أولا كإنسان وثانيا كجامعي اجتهد وتعلم وأنفقت عليك عائلتك ماأنفقت من مال لتحصل على شهادة ومن ثم وظيفة بأجر مناسب ، تكون لك بمثابة حصن يحميك من نوازل الزمن ، هذا ماتداعى إلى فهمك وفهمنا في زمان مضى ،وهو ليس ببعيد كثيرا فقط على بعد عشر سنوات قبل بدء الحرب على سورية .
ماأذكره وماتذكرونه بالطبع عن وظيفة الزمن القديم إن صح تشبيه ذاك الزمن بالقديم ، فمفهوم القدم يطلق على حقبة تتجاوز المئة عام أو أكثر ، أن الموظف كان قادراً على أن يؤمن جميع احتياجاته الأساسية فضلاً عن بعض من الكماليات من أجره الذي يتقاضاه شهرياً ، أما اليوم وبعد مامُني أجر الموظف بهزائم لاتعد ولاتحصى من عدوه الغلاء ، وخسر كل معاركه أمامه ،أصبح الموظف عاجزاً عن أن يؤمن الجزء البسيط من تلك المستلزمات الأساسية التي كانت توفر له حياة كريمة تليق به كإنسان فضّل أن يخدم وطنه وأن لايهاجر أسوة بمن هاجر بعد الحرب.
حيث أصبح موظف هذا الزمن يتقاضى أجرا برسالة قصيرةSMS مثبت عليها حين استلامها ، صلاحيتي تنتهي خلال ساعات ، مع أنه ازداد أضعافا مضاعفة عن أجر ماقبل الحرب ، فالأجر بالرغم من ضخامته إلا أنه لايفي لشراء الفتات، إذ أضحى غير صالح لشراء اللحوم بأنواعها ، والفاكهه بمختلف أصنافها ، إضافة إلى الأجبان والألبان ، وعلى مايبدو بعد ارتفاع أسعار بعض الخضروات وبلوغها أرقاما قياسية تفوق الخيال هي الأخرى ستكون غير صالحة للشراء..
ولاأظن أن الموظف اليوم يستطيع أن يتفاءل وإن ازداد الأجر الذي يتقاضاه أضعافا مضاعفة ، فالأسعار له بالمرصاد “لابترحم ولابتخلي رحمة الله تنزل “.
كنا في أيام الصغر نحلم بمستقبل نحقق فيه حياة كحياة أحد ما ، تبدأ من حصولنا على وظيفة بأجر معقول يكون بمثابة الخطوة الأولى لننطلق منها ونخطط لمستقبل هو من أبسط حقوقنا ، أما اليوم فقد تحولت خططنا التي رسمناها إلى صور غائمة تمسحها أيدي الغلاء دون مشقة لامستقبل لها ، إن تشاؤمي هذا ليس إلا من شعوري العميق بحال الموظف الذي أوازيه في الهم ، فهل رأيت أجرا لايكفيك لتسد الدين الذي تراكم عليك كالجبال الشاهقة ، أم هل رأيت أجرا دفع ثمنا لقطعة ملابس واحدة؟ أم هل أسفت على أجر بات لايسمن ولايغني من جوع ولايذهب ولايأتي حتى ولو بالقليل ، إن رأيت وأسفت فلا تقل شيئا لأنه على ماأظن لم يبق مايقال سوى “وعلى الموظف السلام”.