الجماهير / أسماء خيرو
الإصابة بشلل في الطرف الأيسر من الجسم لم تكن إلا دافعا للشاب فراس حموي ليسير بحلمه الفني في طريق التميز والإبداع وبقلب المحارب الشجاع الذي لا يعرف اليأس أو الاستسلام تخطى جميع العقبات و تجاهل جميع الأفكار التي تحطم الإرادة ونهض مستبدلا الصورة النمطية عن أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة ، هو يرفض الاختباء والشعور بالنقص أو أن يقال عنه عاجز ، هو صاحب قرار، وإرادة قوية ،وجد في المسرح ضالته المنشودة، فالمسرح بالنسبة له عالم يمده بالقوة والكمال..
يقول فراس : إصابتي كانت نتيجة خطأ طبي حصل بعد أن ولدت مباشرة أدى إلى شلل في يدي اليسرى وقدمي اليسرى ، عائلتي منذ أن عرفت بأن لدي إصابة تعيق حركتي عملت على معاملتي معاملة الأطفال الأسوياء لم تشعرني يوما ما بأني معاق أو مختلف عن الآخرين ، التحقت بالصفوف المدرسية وأكملت التعليم الابتدائي وبسبب مقدرتي الضعيفة على الحفظ لم أكمل تعليمي، فقط حصلت على شهادة التعليم الابتدائي ، وبما أن عائلتي فنية ووالدي كان عضوا في نقابة الفنانين وأحد مؤسسي المسرح القومي ، شجعني لدخول عالم الفن، في البداية ترددت ولكن بعد أول تجربة عشقت فن التمثيل وبالأخص التمثيل على خشبة المسرح، ففي عام ٢٠٠٣ جسدت دور البطولة في مسلسل للتلفزيون السوري بعنوان ( أنا وعمتي أمينة ) من بطولة الفنانة فاديا خطاب ومن ثم في عام ٢٠٠٧ شاركت في تجسيد دور بائع التبغ مع فرقة السلام المسرحية في العمل المسرحي “اللمبة” من تأليف ممدوح عدوان وإخراج وانيس باندك وفي عام/ ٢٠١٩ و٢٠٢٠/ شاركت في مسرحية أصحاب الهمم ،من إعداد وإخراج صالح السلتي وحاليا أجهز نفسي لتجسيد دور البطولة في فيلم سينمائي من إخراج محمد ملقي ..
عدم متابعته للتعليم وإكمال الدراسة وضعف مقدرته على الحفظ لم تكن أبداً أسباباً لأن يستسلم للإعاقة ويقبل بأن يكون فريسة للفراغ والملل وضياع الوقت في ماهو ليس مفيد .
يقول عن ذلك : مع أني كنت أجد صعوبة في الحفظ إلا أني لم أستكن لهذا الأمر وأجعله يؤثر على حياتي العلمية لقد التحقت بدورات عديدة في مجال الكمبيوتر منها ال / ICDL/ المونتاج / التصميم الإعلاني / تحرير الصور / والإخراج / إلى أن أصبحت بارعاً جداً في كل شيء يتعلق بعلوم الكمبيوتر ، كما التحقت بدورة لتعلم اللغة الإنكليزية، فضلاً عن أني أحب القراءة جداً فلقد قرأت لعدة كتاب وأدباء منهم شكسبير ، والمنفلوطي ، وأغاثا كريستي ، وغيرهم ،وأحبذ كثيراً الاختلاط مع الناس ومعاملتهم ولا أحبذ الانطواء ، أعشق المسرح بجنون لذلك أحرص على متابعة جميع العروض والفعاليات المسرحية. وحاليا أنا عضو في جمعية المستقبل للمعاقين جسدياً .
يرى بأن صعوبة تجسيد الشخصية أيا كان نوعها تزيد العمل جمالاً وتملأ قلبه بالتحدي لإتقانها، فهو يقوم بعد قراءة السيناريو بالبحث والسؤال والاحتكاك عن قرب بشخصيات مشابهة للشخصية التي طلب منه تجسيدها من أجل يصل إلى الأداء المقنع .
الفنان فراس حموي اليوم يدين بالفضل إلى المسرح لأنه أخرجه من دائرة العجز وجعله شخصاً ذا شخصية قوية ومكنه من التعرف إلى الكثير من الناس، حطم له حاجز الإعاقة والتوتر، ساعده على اكتشاف القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها الإنسان لمواجهة الأحداث المريرة والصعوبات من غير أن يستسلم للهزيمة أو يعتريه اليأس والقنوط ، وبالرغم من كل ذلك لديه مأساة واحدة كانت طيلة حديثه تحز في نفسه مسببة له الألم العميق ألا وهي نظرة المجتمع القاصرة .
يقول عن ذلك : بالرغم من أني استطعت ان أحطم حاجز الإعاقة بعملي على خشبة المسرح إلا أن المجتمع مازال ينظر لي نظرات لا أحبها، كالشفقة والإقصاء، وعدم النفع ،المجتمع يقصيني ويحكم بأني غير صالح لأي شيء ولكن أنا أقول له: بأني إنسان طبيعي أملك عقلا يفكر قادرا على العمل ولدي موهبة سأجتهد وأكافح لتطويرها وأحقق حلمي ، وآمل يوما ما بأن يكف المجتمع عن الظلم، ويمنحني وغيري ممن لديهم إعاقة جسدية الفرصة للعمل لإثبات ذاتنا والمشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والعملية .