بقلم عبد الخالق قلعه جي
لن يحتاج متصفح مواقع التواصل الاجتماعي أي عناء ، ليجد أن الخبر الذي ملأ دنيا الصفحات ، وشغل مواقع الناس قبل أيام .. سرعان ما خبا وتلاشى حضوره .. وكأني به اتخذ لنفسه ركناً مطوياً في ذاكرة النسيان .
” جريـ.ـمة قتـ.ـل تهز الشارع .. قضية تثير الرأي العام .. القبض على القتـ.ـلة .. .. الداخلية تنشر اعترافاتهم .. اعترافات مروعة في جريـ.ـمة قتـ.ـل الفتاة آيات .. لساعات بقيت دون إسعاف.. بسبب مفك براغي وإبريق ماء ساخن قتلت .. كنا نضربها ع الطالعة والنازلة .. حملة لا تسكتي لمناهضة العنف ضد المرأة ” .
ربما من الطبيعي في ظل ثقافة الاستهلاك ، وآنية الذاكرة أو غيابها .. أن يتراجع الاهتمام .. ينحسر أو ينتهي عند هذا الحد ، حتى حادثة أخرى تثير فينا ضوضاء الفقاعة ، متدحرجة كرتها .. لتنثقب وتتبخر في الهواء من جديد .
بعض من عناوين ، تصدرت أخبار تلك الجريـ.ـمة البشعة ومتابعتها .. تصفع الباب بهدوء .. كيلا توقظ نُوَّمٌ على كوابيس أسئلة ، آن لها أن تلامس السمع والبصر والفؤاد وتصل كل أؤلئك .. من كان عنها مسؤولاً .
بكل حروف النداء والسؤال ، يتردد نشيجها .. ملء الصوت الصارخ والهامس .. وجع قلب منكسر وآهات .. يكفكفها الصدى ؟
مع قدومه أو الإعلان عنه صبياً .. ترشرش التحلايات والبخاشيش والهدايا ، لمن أوصل البشارة ، وتقام الأفراح والليالي الملاح ، لهذا السيد الذي سيحمل اسم العائلة … ويوم عبوس قمطرير .. إذا بشر أحدهم بالأنثى ليظل وجهه مسوداً وهو كظيم .
ما من مبارك يقولونها ، ولا حمداً على قيامها بالسلامة !.. عقبال خلفتَك ..تقولها أخت لأخيها وأم لابنها مباركة مجيء ابنته .. كأنها ليست خلفه ، أو لكأنها رجس من عمل الشيطان .
” لَكْ خليلي وخليلي ” .. هكذا يلاطفون الصبي ويداعبونه و” طلوب وتمنى ” والابتسامات تملأ الوجوه .. أما تلك الزائدة عن الحاجة أستعيرها من أستاذنا عبد الفتاح .. “عيب انتي بنت بس وهس” ، وإلى آخر ما هنالك .. من كلمات التنبيه والزجر والتقريع وأفعالها .. ووجوه ترهقها قترة .
يستطيب الصبي هذه الحالة وتأخذه .. فيبدأ بممارسة الدور وارتكاب فعل توجيه الأوامر لأخواته وحتى لأمه وأبيه إن استطاع ، وهو متربع .. ليكون الذكر الثاني في البيت لا تُعصى له كلمة ، ولا يُرفض له طلب ، وإلا فالويل والثبور .. عويلاً من شدقيه وحتى اليدين .
بعض صور من قواميس عيش ، داخل جدران كثيرة ملونة وغير ملونة ، ونواميسها .. تضع الصبي الذي أصبح يافعاً وشاباً أولاً .. ولتحتل الدرجة الثانية أو العاشرة .. تلك المنكسرة ، وقد غدت صبية لا تعرف لماذا ؟ ولا إلى أين المسير أو المصير .
الصبي صار ذكراً .. “وصار لازم نفرح فيه ونجوزوا … وكل ما كانت مرتو أصغر أحسن .. بيربيها على ايدو”! .. بثمنٍ بخسٍ تُباع البنت يجرها فستان العمر إلى حتفها .
من خانة ذكورية تنتقل إلى أخرى .. ضحية عرفت ، وكثيرات قيد مجهول .. تفرقت بين القبائل أنفس وأرواح .
عادات سوداء وتقاليد جاهلية ، مازالت تُحكِم سطوتها تحت صور وأشكال .. ليس فقط في مقدمتها : التسرب من التعليم ، ولا الصحة الإنجابية وما يلقي بها مهاوي الردى .. من زواج للقاصرات و الآخر العرفي .. لا العنف الأسري ، ولا الموروث المجتمعي الذكوري الذي تنفخ أيضاً في ناره بعض من نساء ..لا التفكك والطلاق ، ولا التشرد والجنوح والانحراف .
ما هم بقديسين ، عندما تمتد أياديهم الشريرة إلى الشريعة .. فيركِّبون منها ما شاءت لهم أنفسهم غريزة وضلالاً وهوى . ويتكئون على قوانين أسرية وضعية .. وكثير من غيابات فيها وثغرات .. آن لها أن تضع حداً لجرائم عنف أسري من قتل نفسي وطلاق نفسي وغيرها من جرائم مستترة تصعب في معظم الأحيان كتابتها .
” لا تسكتي ” حملة انطلقت .. خطوة في رحلة الألف ميل .. وخطوات عمل أخرى نأملها .. تنقلنا إلى ضفاف الفعل ، أمانة و واجباً على فرد وأسرة ومجتمع ، لعلها توقف عن غيِّه مفكاً آخر وإبريق ماء .. لعلها تغفر لنا – نفس مطمئنة – سُئِلتْ .. بأي ذنب قُتِلَتْ ؟ .. ولعلها تعيد بعض اعتبار- بعد البسملة – للآية الكريمة التي تتصدر معظم بطاقات الدعوة لحفل قران أو زفاف ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة “.