الجماهير – عتاب ضويحي
كواجب يومي يتفقد المواطن هاتفه المحمول بانتظار أن تصله رسالة تثلج صدره، وتبشره بماينتظر وتحقق منى عينه وتكحلها بوصول طلب مخصصاته من المواد التموينية والمحروقات، حتى يأتي الفرج واللحظة التي طال انتظارها، يقفز فرحأ مزهوا في مكانه، يخبر من حوله بأن مغارة علي بابا فتحت له، وبدأت أيام السعد يهل هلالها، يذهب حيث حلمه ويعود بكل فخر واعتزاز يحمل في كلتا يديه مخصصاته التموينية “سكر ورز”، يدخل منزله وعلامات النصر ترتسم على حواسه الخمس، تستقبله زوجته بوجه بشوش وضحكة تعدت حدود أذنيها، ترحب بابن عمها تاج رأسها، وتحمل معه الغنيمة، وتطلب منه أن يروي لها بالتفصيل الممل عن مغامرته الشيقة، بعد أن يأخذ نفس النصر العميق.
أما رسالة” المازوت والغاز ” فتختلف طقوسها كلياً، فمواطننا محارب منتصر يكسب معركته بقوة وشراسة، دأبه تحقيق النصر، فكثيراً ما سرق منه أجمل الليالي وهو ينتظره، والآن فقط نال شرف النصر، يدخل منزله حاملاً نصره بين يديه، ترحب به زوجته هذه المرة بحرارة أكثر،والابتسامة وحدها لاتكفي، فبعد الدعاء له بطول العمر تقول من باب الدعم المعنوي وشحذ الهمم للانتصارات القادمة “روح الله يبارك بالبطن اللي حملك”.
فالمسألة ليست مجرد رسالة، بل أكبر من ذلك بكثير، إنها النصر في زمن الهزائم، الكسب في زمن الخسائر، والوجود في زمن الفقد.