الجماهير/ محمود جنيد
جميع أدوية الزكام التي عاقرتها ليلة الأمس للتخفيف من أوجاعي” فقست” في رأسي وكان لها المفعول العكسي المنبه المؤرق، بعد مروري الفيسبوكي على خبر تحول إلى “تريند” تداولته الصفحات على نطاق واسع لطفلة “لين” وجدت مرمية في أحد الشوارع بعد ولادتها، وقد نهشت الجرذان أجزاء من وجهها (الجبين والأنف).
الحادث بدا للمتصفح قبل التحقق بأنه وليد الليلة، ليتبين بأنه يعود إلى تشرين الأول من العام الفائت 2021، والصور المتداولة للطفلة بعد ثلاثة أشهر من المعالجة التي لم تمح آثار التشوه الظاهر في وجهها الملائكي، ولتستشيط ردود الأفعال الغاضبة وتطالب السلطات القضائية القصاص من مرتكبي هذه الجريمة الإنسانية (كما نسميها)، وتبحث في الحيثيات والخلفيات والأسباب، هل هو الهروب من فضحية و مسؤولية ولادة غير الشرعية، أو خشية فقر وإملاق في حال كانت شرعية ….الخ، ولتطرح التساؤلات: أي قسوة تلك، أي قلوب سوداء متحجرة …هل وصلنا إلى هذه الدرجة من التحلل الأخلاقي والتسيب المجتمعي، وماهو ذنب الطفلة لتعيش بوجه مشوه طوال حياتها؟!
ونقول بدورنا: أما وإن كانت المشكلة في التشوه الخلقي فقد تكون محلولة بعمليات التجميل وما أروجها هذه الأيام، بينما المشكلة الجوهرية في التشوه النفسي الذي ستعيشه هذه الطفلة وأمثالها، بين نظرة المجتمع الذي تعاطف مع مصاب وأدها رضيعة، وكيف سيتعامل معها وينظر إليها كفتاة لقيطة (مجهولة النسب)، بعد أن تشب وتدخل معركة الحياة التي لا ترحم، ولتتمنى تلك الفتاة الضحية لو أن أحداً لم يسعفها، وتركت لتغادر حياتنا القاسية إلى جنان ترتع فيها كطير تحفه رحمات الخالق البارئ.
وما يخطر ببالي في هذه اللحظة أمر “غريب شوي”،و هو إمكانية توثيق المعلومات الوراثية التي يحتويها (الحمض النووي DNA) ضمن الملف الشخصي لكل مواطن في دائرة الأحوال المدنية، والتي يمكن من خلالها المساعدة في البحث الجنائي، وبالتالي القبض على المتورطين في جرائم وأد الأطفال الرضع، سواء من الولادات الشرعية أو غيرها، ومحاسبتهم، للحد من هذه الظاهرة الجرمية السادية المتفشية.!