بقلم: الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
لدين الحبِّ ندعو العالمينَ…
ونمشي في دروبِ الحامدينَ
لأن الحبَّ من ربي هُداهُ…
بطُهرِ القلبِ صاروا عاشقينَ
كان الحب ولا يزال محرّك الإنسان في هذا الكون؛ وباعثه للاستمرار في الحياة؛ يحفّزه على تحقيق رغباته ويدفعه للسير إلى سائر ما يصبو إليه، ولكن أين ذلك الحب الحقيقي؟
لقد ورد ذكر الحب في القرآن الكريم مقترناً بثلاثة معانٍ وهي: حب الله وحب الخير وحب الشهوات.
إن الحب الذي تترجمه عملياً العلاقات مع الآخرين التي تكون مخلصةً هي من أفضل القربات إلى الله تعالى وهي من أجل المزيات التي تكفل الله تعالى لمن بلغها بالأجر والمثوبة في الدنيا والآخرة.
وهو القائل سبحانه يوم أن تعرض عليه الخلائق: (أين المتحابون بجلالي اليوم أُظِلُّهم في ظِلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلي) رواه مسلم. وهذا في الآخرة.
وأما في الدنيا فإن المتحابين في الله يحصلون على نِعَمٍ وفضائلَ عدة ومن أجلها وأزكاها نعمتان عظيمتان:
الأولى: محبة الله لهم فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه. قال: أين تريد؟ قال أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمةٍ تَرُبُّهَا؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عز وجل. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه “. رواه مسلم
والثانية: وضع القبول له في الأرض: فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل. فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. رواه الشيخان فلا يمكن لمجتمعاتنا بسائر أطيافها أن تحيا حياة السعداء الذين سعدوا بهذا الدين الحنيف حتى يكون واقعهم واقعاً ملموساً من واقع أسلافهم أولئك الأسلاف الذين جمع الله لهم فضل الدنيا والآخرة بتآخيهم ومحبتهم في الله جل وعلا.
إن الحب في الله يستمر بين الناس وينمو بذكر المحاسن والفضائل في المجتمع لا لشيء إلا لكونها قامت على إيمانٍ صادقٍ وأخلاق فاضلة يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (والله لو صمت النهار لا أفطره، وقمت الليل لا أنامه، وأنفقت مالي في سبيل الله. أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله وبغض لأهل معصية الله ما نفعني) رواه الغزالي في الإحياء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم.
فلا يمكن أن يدخل المجتمع جنة الوئام والأمن والسلام والطمأنينة من غير إيمانٍ بالله تعالى يخالط بشاشة القلوب، ولا يمكن للإيمان أن يدخل القلوب من غير حبٍّ يسبقه إليها ويطهر له فناءاتها ويربط الناس ببعضهم برباطه.
فهل هذه العادة المُستقدمة من أعماق الغرب الوثني تليق بمجتمعنا العربي الشرقي وبديننا الداعي لكل خير وفضيلة؟
علينا أن نستغني عن هذه العادات عبر تذكير الناس بأهمية وفضل المحبة الصادقة، وإرساء رابط المحبة في النفوس، ورسم ثوابت المحبة انطلاقاً من معاني الفضيلة التي تمثلها.