نبوغ محمد أسعد
الكتاب الذي قدمته مجلة الموقف الأدبي في اتحاد الكتاب العرب هدية بعنوان زاهد المالح شاعر اللغة المرئية دراسة ومختارات شعرية اختارها وقدمها الشاعر الدكتور نزار بريك هنيدي متضمنة عددا من نصوصه التي انتقاها وفق ما كتبه وقاله في دراسته .
في الدراسة نجد أن الشاعر والناقد هنيدي يكشف خلجات النفس وتماهيها مع الأشياء التي يراها جميلة كميوله للوحدة وكيفية عيشه مع الحزن والألم والتحولات التي يراها فيما هو أمامه من أشياء جميلة عايشها وتعايش معها فاستشهد بقوله :
وأنا وحدي ..وحدي أتنفس في الغابة
فجميع الأشجار تعرت ..خلعت معطفها الصيفي وانتصبت أعمدة خرساء .
ويدخل الناقد هنيدي في بنيات النفس التي توصل إليها في تعامله مع نصوصه الشعرية ويفكك المعاني والدلالات ليصل إلى أن الشاعر يعتزل عن الآخرين، لأنه لايجد وسيلة للتعامل معهم أو لغة قادرة على حمل مشاعره لهم وليس كرها بأحد ..وبذلك الشعور يعبر زاهد المالح عن تساؤله وبحثه عن كيفيه التعايش مع الآخرين، فاللغة حروف وغياب وأصوات، وقد يتطلب الأمر أكثر من ذلك، وهذا ما عبر عنه في قوله :
الكلمات . .خداع زائف
كيف أحاوركم بالكلمات
والكلمة سرداب مقفل
واللغة..حروف ..أصوات
واللغة ..غياب .
ليصل حسب مارآه الشاعر هنيدي إلى الانطلاق مثل عصافير الفجر مبشرة بالضياء ،وساعية إلى تجسيد الرؤى وتحقيق الآمال، كقوله :
أهاجر مثل عصافير الفجر
أتلمس كل ضياء
أبحث في هذا الخيط السري
أحاول أن أكتشف اللغة المرئية لأحاوركم .
ويقدم الناقد هنيدي أسبابا للتأكد من وعي الشاعر بما عناه بمصطلح اللغة المرئية وفهمه لخصائص البناء الفني الذي يعمل عليه وإدراكه للطريقة التي يتم فيها إنتاج المعنى، فاستشهد بقوله :
آنية خزفية .. ساعة رمل
سرج مهترئ …لوحات بالية
إلى قوله:
هاقد سقطت كل الكلمات أخيرا ..من ذاكرة الأمس..
سقط التاريخ بأكمله ..في لحظة نزف أو خوف. وإذا قرأنا العناوين التي اختارها الدكتور نزار بريك هنيدي مثل صفصافة ولوحة وسؤال وبياض وباقي الخيارات جميعها نجده قد قدم الوسائل التي يمكن أن يذهب إليها القارئ في جماليات ما كتبه المالح .