خواطر محاسبية

· أنس مدراتي

عند صياغة نص اتفاقية أو عقد أو تشريع قد تُذكر عبارة تدل على العلاقة الصفرية التي تعني تحقيق المكاسب لدى أحد الأطراف مقابل تكبد الخسائر لدى الطرف الآخر، وهو ما يسمى بـ #تعارض_المصالح، وكذلك يتم عرض المسؤوليات والواجبات أو المهام ورسم حدود تلك العقود أو التشريعات وتحديد أبعادها، ومثال هذا التعارض: ضرورة عدم وجود أي مصلحة للموظف الحكومي بالمعاملات أو الخدمات التي يقدمها للمواطن، أما إذا اختفت من هذه النصوص تلك الأطراف المعنية وتم حشر طرف ثالث على أنه الضامن المسؤول عن تطبيق تلك الاتفاقية أو التشريع، فإن هذا الحشر سيبدو وكأنه إزهاق لروح القانون نتيجة اجتزاء وتشويه تلك العلاقة الواردة فيه، وهو ما يحصل تماما اذا ما تم فرض العقوبات والغرامات على المحاسب القانوني نتيجة اكتشاف الدائرة المالية وجود فرق بين الإيرادات المقدرة من قبل مراقبي الدخل والإيرادات المصرح عنها في البيان الضريبي الموقع من قِبل المحاسب القانوني، وما هي إلا ثغرات قانونية كان سببها المشرّع الذي لم يضع الأمور في نصابها، ومن أمثلة ذلك:

– اعتبار البيان الضريبي مجرد استمارة يتم ملء فراغاتها بعيداً عم اذا تم تدقيق القوائم المالية المرفقة به أم لا، في ظل انعدام الرقابة على مكاتب المحاسبة.

– منح المحاسب القانوني ترخيص تدقيق شركات في حال حقق الشروط الشكلية من عدد غرف وموظفين بغض النظر عن اعتماد هذا المكتب لبرنامج تدقيق ونظام داخلي يرقى لمستوى الشركات المستهدفة في عملية التدقيق هذه.

– قبول خريجي الاقتصاد بجميع الاختصاصات لخوض امتحان المحاسب القانوني، في حين فإن مهنة المحاسبة والتدقيق تشرح نفسها بنفسها، أي من الضروري عدم جمع الأقسام في خانة واحدة وعدم قبول المتقدم للامتحان إلا اذا كان من خريجي قسم المحاسبة حصراً، كون الاختصاصات الأخرى تسير بمنحنيات مختلفة كلياً عن مجال المحاسبة وهي نقطة لا خلاف فيها، ناهيك عن ضرورة تدريب المحاسب قبل خوض الامتحان وليس العكس.

إن كل ما يُعنى به المحاسب القانوني الحصيف هو مساعدة المنشأة أو المكلف في تطبيق القوانين والتشريعات بعيداً عن العبث واللامبالاة ومشاركة المكلف سلوك الطرق الملتوية التي تهدف لتزوير الحقائق والتهرب من المسؤولية، وهو ما يستوجب على الجهات الحكومية العمل بمبدأ العدالة والمساواة والإقلال من اعتمادها على اللجان والرأي الشخصي لموظفيها، فضلا عن ضرورة تشكيل هيئة مستقلة تمثل المحاسب القانوني وتعمل على حمايته وتطوير مستوى أدائه المهني دون أن تتبع لأي جهة قد تؤثر على جودة التقارير المنتجة والخدمة المقدمة.

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار