عبد الكريم عبيد
الكثير من المحللين والسياسيين والإعلاميين أعربوا عن تفاجئهم بزيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات إلا أنه من يقرأ سيرورة الأحداث جيداً ولديه مقدرة دقيقة على الربط فيما بينها يدرك تماماً أن هذه الزيارة جاءت في سياقها الطبيعي لجهة الموقف الثابت الذي امتازت به سورية عبر العقود الماضية تجاه الأشقاء العرب ، رغم أن بعض الحكام العرب كانوا جزءاً من مشروع تدميري كبير ضد الشعب السوري لا بل وساروا في ركب التآمر على سورية …..
أقول رغم كل ذلك والألم الذي حدث …..عندما شعرت سورية أن الجوار من العرب بدأوا يدقون أبواب دمشق لحاجة إقليمية وعربية ودولية تتم عن طريق الدبلوماسية السورية فإنها لا تملك إلا أن تلبي وترتقي إلى المستوى القيمي والأخلاقي والوطني الذي يحتم عليها أن تترفع عن الصغائر وتتصرف بمسؤولية عالية قوامها الحفاظ على وجود الأمة العربية ووحدة كيانها وشعبها …. وهذا من شيم الكرام .
منذ بدء الحرب على سورية الكثير من الدول العربية لم تقطع العلاقات مع سورية ولو أنها ظاهرياً سحبت السفير وذلك تحت ضغط البترو دولار الذي يتحكم في سياساتها رغم ذلك سورية لم تتخلى عن التزاماتها في أحلك الظروف ……
عندما يقول الرئيس الأسد خلال زيارته للإمارات أن العالم يتغير وهناك تحولات عميقة في التركيبة الجيوسياسية على مستوى العالم.
أراد الرئيس الأسد أن يوصل رسالة مفادها أن سورية لن تتخلى عن مبادئها وعلينا كعرب أن نحصن أنفسنا في وجه هذه التغيرات التي تستهدف الأمة وتاريخها هذا أولاً ، و ثانياً يكون للعرب دور فاعل ومؤثر على صعيد المنطقة وأن يكونوا مشاركين في رسم الخرائط والتحالفات الجيوسياسية التي ستنهي الأحادية القطبية بزعامة أمريكا …
من هنا يمكننا التفسير لماذا أمريكا تقف ضد روسيا في أوكرانيا …..؟ ولماذا تريد زعزعت روسيا الاتحادية عن طريق أوكرانيا ….؟ ولماذا تحاول أن تزج حلف شمالي الأطلسي في هذه المعركة ….؟.
معركة تزعزعت فيها الهيبة الأمريكية وكادت أن تطيح بأحاديتها القطبية بالمقابل يشع النجم الروسي ليقول للبشرية ها أنذا أعود قوة إقليمية ودولية…..
في هذا السياق تماماً تأتي زيارة الرئيس الأسد الذي أراد أن يفهم الجميع أن سورية لا ولن تتخلى عن التزاماتها ومبادئها .
وعندما تشعر أن هناك ما يهدد وجود الأمة تبادر وتترفع عن الصغائر وهذه أخلاقية الكبار .
وزيارة الرئيس الأسد جاءت ضمن سياقها الطبيعي سيما وأنه قبل شهرين زار وزير خارجية الإمارات سورية ووجه دعوة رسمية باسم رئيس دولته للسيد الرئيس لزيارة الإمارات .
هذا من جهة ومن جهة ثانية الكثير من الدول تتواصل مع سورية لإعادة العلاقات ومنها الدول التي كانت على خلاف كبير مع سورية ….
هناك تطورات وتحولات على مستوى العالم ستغير واجهة المنطقة والعالم ….. وكون سورية لاعباً مهماً في أحداث المنطقة وعامل استقرار تتجه الأنظار إليها لتعيد التوازن إلى العلاقات الدولية على صعيد المنطقة والعالم … من هنا جاءت الزيارة في سياقها الطبيعي .