قراءة في فكر الدكتور محمد الراشد

· عدنان كزارة

في كل مرة أقرأ للراحل الدكتور محمد الراشد، أجدني أردد قوله تعالى: “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”، ويحفزني بكتاباته هذه إلى مزيد من تعمق مسألة الإيمان، وتحويلها من التسليم إلى التفكير، بحيث يتحول التسليم إلى تمكين عقلي، وتطمين وجداني، وسعادة دنيوية باستنجاز وعد الآخرة، لا يتذوق حلاوتها إلا المؤمنون العارفون. تقودك كتابات الراشد (رحمه الله) إلى تعرف أهمية استثمار العقل في رحلة التعرف إلى قصة الوجود وخالق الوجود، وإلى إعادة قراءة كتاب الله المسطور لفهم أسرار كتاب الله المنظور، وإلى إعادة فهم كثير من الآيات التي تحيل إلى معرفة نشأة الكون وفق نظريات الفيزياء الحديثة، وفهم قصة البعث والنشور بعيدا عن مرويات مشكوك في صحتها، وإنما استنادا إلى نظريات علمية يؤيدها نص قرآني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ويدهشك فيما تقرأ له هذا الربط بين التاريخ والبعد الحضاري الذي يجعل الكتابة موقفا ورسالة، إذ ينبه من طرف خفي إلى تقصير أبناء الأمة في فهم ماضيهم الحضاري الذي به بدأت الحضارة العالمية في بعدها الإنساني الإيثاري، وإلى تقصيرهم في استنطاق آيات كتابهم العزيز على نحو يجعلهم مساهمين فعالين في إنتاج العلم والتكنولوجيا، فمن هذا القبيل أن الدكتور الراشد يلفت نظر القارئ إلى أن خطاب الله موجه للكافرين دون المؤمنين في الآية التي تتحدث عن كيفية خلق السموات والأرض: “أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي”، وذلك في إيماءة إلهية عظيمة تتنبأ بتقدم الأمم الغربية علميا، وفي تقريع ضمني في الوقت نفسه للمؤمنين على تقصيرهم علميا.

أخيرا، حسبي ما قدمت من قراءة متواضعة في فكر الدكتور الراشد، مقرا بأن هناك أشياء أخرى جديرة بالتوقف عندها قد تحفز القراء إلى مقاربتها، والتعمق فيها، واستنطاق دلالاتها.

رحمك الله أخي العزيز الدكتور محمد الراشد ، وجعل عطاءك أجرا في صحيفة أعمالك بفضله وإحسانه.

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار