شهر رمضان .. زمن الفَلَاح

بقلم: الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

يا فوزَ مَنْ صامَ المباركَ شهرَنا…
رمضانَ واستغنى عن الشهواتِ

وقضاه في قرآنه وصلاته…
في لذَّة قد فاقت اللذاتِ

إن الصيام عبادة فرضها الله تعالى على جميع الأديان السماوية كالمسلمين كما بيّن في القرآن الكريم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة:183].

ذلك أن الصيام منهج روحي يصبح الإنسان فيه بعيداً عن الشهوات قريباً من ملكوت السماوات، يمسك فيه الصائم عن المفطرات من طعام وشراب وشهوة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ليكون منتظماً في سلك العبودية؛ خاضعاً لأحكام الربوبية؛ حاملاً في سجلات أعماله الفوز والفلاح، ولقد فرض الله تعالى صيام شهر رمضان على المسلمين وذلك في يوم الإثنين الثاني من شعبان من السنة الثانية للهجرة الموافق لعام (624م).
والأمر بصيام شهر رمضان ثابت في كل من القرآن الكريم والسُّنة النبوية وإجماع .

وقد ورد في فضل صيام شهر رمضان الكثير من الأحاديث التي تدل على مكانة هذا الشهر من ذلك ما ورد عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ) رواه ابن ماجة.
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتْ الْكَبَائِر) رواه مسلم.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحدِّث عن فضل شهر رمضان، فيقول: ( تُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ، وَتُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ، يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ) رواه أحمد في مسنده.

وكثيرةٌ هي الأحاديث التي تبيّن فضل هذا العمل العظيم عند الله تبارك وتعالى.
ويجب الصيام على كل مسلم، عاقل، قادر على الصوم غير مسافر أو مريض ولا معذور بحيض أو نفاس، بالغ، فلا يجب الصوم على الإنسان حتى يبلغ، ولكن يستحب لولي أمر الطفل أن يأمره في حال صغره بالصوم ليعتاد على هذه العبادة ويتمرن عليها، ويسهل عليه الصوم إذا بلغ، ولذلك كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يأمرون أولادهم بالصيام وهم صغار.
اللهم بارك لنا في رمضان واجعلنا من عتقائه يا أرحم الراحمين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار