بألـــف ليـــلة وليـــلة

بقلم عبد الخالق قلعه جي

في أوراقها البعيدة والقريبة، مازالت الذاكرة الأدبية الشعبية تحفظ لنا حكايات شهرزاد التي أسهرت شهريار ألف ليلة وليلة.. حتى يدركها الصباح فتسكت عن الكلام المباح.

ذاكرتنا الفنية والغنائية، سجلت هي الأخرى حكايات الليل وسمائه.. نجومه وقمره، والهوى السهران يسقي عشاقه الهنا، ويتمنى على الشمس أن تأتي ليس قبل سنة إنما بعد سنة لأنها.. سويعات حب بألف ليلة وليلة.

هكذا كانت تلك الليلة.. باقة من الأصوات الحلبية الرائعة جمعها قبل أيام فرح زفاف ابن الفنان فؤاد ماهر أحد أصدقائنا الفنانين الذين نعتز بهم كثيراً.

وجوه عامة.. فنية وثقافية وإعلامية، ورياضية وشخصيات مجتمعية ورجال أعمال .. صناعيون وتجار وأقرباء وأصدقاء..

لافتة حقيقة تلك الحالة التي تجلت بهذا الزخم الكبير من الحضور المحب حقيقة والسميع، والذي وسعته قلوب وغص بها المكان.

لافت أيضاً ما شدا به فنانو حلب مشاركين ومهنئين والذين نكن لهم كل التقدير والمحبة… وقديم من عتب محب وجديد.

بانوراما للأصوات الحلبية العظيمة كانت.. قرأت لها آيات الحفظ وأنا أستمع إلى عذوبة تلك التجليات والمقدرة والملاءة الفنية التي أوصلت السامعين إلى مطارح بعيدة بعيدة.

نشوة وسلطنة اشتقنا لها كثيراً.. وكأني بكل صوت أرادها امتحانا للتنافس النبيل مع نفسه والآخرين، ليتفوق بنفسه وبما استطاع أن يرفع بعض ستار عن قليل مما تختزنه هذه الأصوات.. التي تفجرت ينابيع ثرة، ففاضت ألوان تسام سرى بين القلوب، فألهبت لظىً اشتعل توقاً إليها وأطفأت بعض ظمأٍ وسكنت صفاءً.

ما غاب التونسي بيرم وكوكب الشرق وحدهما عن الوجدان، فهنا أيضاً ومع قليل ماء حلبي، من شاركهما هذا الغياب الجميل، وقد عرش النغم سحائب آهات و وجد كروان صوفي وهيام… مطربو حلب من بالشدو طارحكم ؟

رحمك الله أمير الشعراء أحمد شوقي.. لو كنت استمعت لأصوات حلب لكتبت بها ولها سلو كؤوس طلا أخرى.

أواخر التسعينيات زارت إذاعة حلب مذيعة صوت العرب _ لعل اسمها الأول سمية _ وأجرت العديد من اللقاءات الثقافية والفنية والتراثية.. وأذكر أنها التقت في ذلك الوقت العزيزين المبدعين نهاد نجار في استديو الإذاعة وحمام خيري في بيته العربي بباب الحديد، بالإضافة إلى بعض أعلام هذه المدينة وروادها.

في معرض ردي على سؤال في الحوار الذي كنت فيه ضيفاً على أحد برامجها قلت: في حلب يعلن كل صباح ولادة مطرب وعازف وسميع….

من جديد يعود السؤال.. وربما بما سبق تأخر كثيراً .. ما الذي قدمته هذه الأصوات من غير التراث وألوان الطرب الأخرى، وهل من مشاريع عمل فردية أو مؤسساتية يجري العمل عليها ؟

سؤال لعله برسم فنانينا الرائعين من كتاب أغنية وملحنين ومطربين، وبرسم الجهات المعنية بالشأن الفني والموسيقي في حلب بشكل خاص استمراراً لمدرستها الفنية.

أمثلة لنا في بعض التجارب.. على صعيد الألحان وعلى صعيد بعض فعل النوايا الطيبة التي قدمت في هذا الإطار تقول: إنها بقيت زهرات متناثرة، من حيث الكم أولاً ومن حيث أنها لم تمتلك فعل رسم ملامح خصوصيتها التي يجب أن تتشكل امتداداً لتراث حلب الفني وموروثها العظيم .

سؤال في جانب يحملنا إلى التاليات الأخر من أسئلة وعناوين.. تتصل بالإنتاج وتصنيع الأغنية ونجومها وبالاختيارات المناسبة للعباءة التي تليق فلكل مقام جنسه والمقام .. ولعلها تصل.

شوق إلى الفرح كان حاضراً.. بين شدو وحنين، نغم إنساب فأنست به أرواح وهام عاشقون .. وليلة في سمعي جاءت بألف ليلة وليلة.

⤵️⤵️⤵️⤵️⤵️

بإمكانكم متابعة آخر الاخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ⯑⯑

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار