الجماهير || محمود جنيد
هي لعبة الموت التي يجدر بالباحثين عن الحياة خوضها، للعبور إلى شاطئ أحلام العراة من متاع الحياة ، الفارين من واقعهم الأشد مضاضة وقسوة!
ركاب زروق الموت في أرواد كما قاطنوا بناء الفناء في حي الفردوس ، انصاعوا لقوانين منظمي اللعبة الفاسدين و التي تندرج ضمن مفهوم صراع البقاء، وبالنتيجة تقع الطامة الكبرى فتسقط الضحايا ويتحول المشهد المفجع إلى ” تريند” يصبغ السوشيال ميديا بسواد التعاطف والتنديد الذي يهدأ روعه بعد حين نسيان، بانتظار كارثة جديدة نلطم على اطلالها، كما تلاطمت امواج الموت ركاب الزورق وعصفت حجارة بناء الفردوس المنهار برؤوس القاطنين!
الضحايا البؤساء في الحالتين وكما ذكرنا وقعوا في براثن تجار الموت الذين يقدمون الأكفان على أنها لبوس الخلاص في رحلة اللاعودة، سعيا لربح حرام ينطوي عليه التلاعب والغش والفساد..هنا مركب تالف منسق يعاد تدويره ليوضع في الخدمة بعيداً عن ألحاظ خفر السواحل ويحمل أكداس الأرواح المهاجرة إلى الغرب قبل أن ينقلب التابوت ويغرق العابرون مع أحلامهم في اليم، في حين يلوذ متعهدو رحلة الموت بالفرار بقارب معد للنجاة و العودة أحضان مشغليهم على الشاطئ؛ ونفس الأمر بالنسبة للأبنية المخالفة كما بناء الفردوس و أشباهه التي يأوي إليها الغلابة هربا من الشنططة و الآجارات العالية، ترفع بلا أساسات أو قواعد فوق طابق أرضي، وبمؤونة فقيرة لتهوي بهم، لنتنبه بعد فوات الأوان ونبدأ بإجراءات التتبع الصورية.!
المشكلة التي تنطوي على الحل غير المتاح، هي أن الضمائر التي نناشدها الصحوة، ماتت قبل الضحايا لترتع في عالمها الخاص الذي يلفحه الاستغلال و الجشع و التجارة الحرام البائرة، بينما صرخة الأحياء الأموات التي تصطدم بالحيطان الصماء العمياء، تنادي بعلوها بأن ” علقوا المشانق” لنعيد إنعاش الحياة ونجتثها من براثن الفساد.!