بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة
للكلمة أثرها العظيم في بناء النفس أو تحطيمها على حدٍّ سواء.
فهي سبيلُ التفاهم وأساس التربية وبانية العلاقات.
ولغة الحوار بين الناس ابتداءً من حوارات الأسرة بين الأب والابن وبين الأم والبنت وبين الأخ والأخت، ومروراً بأحاديث الجيران مع بعضهم والأصدقاء وزملاء الدراسة والعمل .
كل تلك الحوارات والأحاديث تمر في أثنائها كلمات تساهم إما في بناء النفوس أو في تحطيمها .
اعتاد الكثير من الناس على الحديث عن الأشخاص فمن زل سلطوا على خطأه الضوء، ومن أساء شهّروا بإساءته، ومن تعثر سلقوه بألسنة حداد، وهذا كله لا يشكل علاجاً للخطأ بل يحطم جانباً من النفس ويزرع فيها عُقَداً تُؤثر على مسيرة الحياة كُلياً .
لذلك كانت الكلمةُ الطيبة من أعظم الدعائم في بناء النفوس، ولا سيما عندما تصدرُ من الأم أو الأب، فهما السند الأول والدعامة الأقوى في بناء شخصية الأبناء
إن الوالدين الواعيين هما من يحفظان نفوس أبناءهم من التحطيم.
ومما قرأتُ في هذا المضمار مواقف غيّرت حياة أناسٍ عاديين ليصبحوا من عظماء أقوامهم .
ما ورد عن محمد بن عبد الرحمن الأوقص، وكان عنقه داخلاً في بدنه، وكان منكباه خارجين، فقالت له أمه:
” يا بني ، لن تكون في مجلس قوم إلا كنت المضحوك عليه المسخور منه، فعليك بطلب العلم فإنه يرفعك “. فما كان منه إلا أن التزم بكلام أمه واجتهد حتى ولي قضاء مكة عشرين سنة، وكان الخصم إذا جلس بين يديه يرتعدُ حتى يقوم .
و هناك قصة توماس أديسون – المخترع المعروف – لما كان في الثامنة من عمره عاد إلى البيت من المدرسة وهو بالأسف، لأن معلمه كلفه بتسليم مذكرة إلى والديه، فقرأتها أمه “ناسي إليوت” أمام نظرات ولدها المترقبة!!
سألها ماذا يوجد بها ؟
فقالت له: المعلم يقول لي: ابنك عبقري، وهذه المدرسة متواضعة جدا بالنسبة له، وليس لدينا معلمون يصلحون لتعليمه، من فضلك علميه في البيت.
فقررت الأم أن تعلمه بنفسها، حتى صار “أديسون” ذاك المُخترع الشهير في العالم كله.
عثر “أديسون” على الرسالة بعد وفاة أمه فلما قرأها بكى !
فقد كُتِب فيها: “ابنك غبي ولا يصلح للتعلم” فما كان “أديسون” ليصل إلى ما وصل إليه لو أن أمه أخبرته بالحقيقة، بل كان ليصبح حطام إنسان.
إن الكلمة السيئة تُغير المسار وتخرب الديار، والكلمة الطيبة تجعل النجاح قرار، والخراب عَمار.
فليكن كلامنا مع أبنائنا كلاماً دافعاً للأمام رافعاً لأرقى مقام، فهم بَناةُ الحياة وقادةَ المُستقبل.