محمود جنيد
“سمع هس” ..!!
مازال زئير أسود الأطلس الذي نشر الرعب في ملاعب مونديال قطر، يطنّ طربا في الآذان التي استساغت تلك النغمة، ومازالت الشفاه تدندن تلك المقطوعة الساحرة!
أما على سبيل الدروس الكثيرة التي اتحفتنا بها نسخة المونديال العالمي الحالية، فيبرز هنا الدرس المغربي الخارق للعادة إذ قلب المفاهيم الكروية وأطاح بالمسلمات والنظريات الوضعية، وحقق ما يشبه الإعجاز بوصوله التاريخي إلى الدور نصف النهائى ،كأول منتخب عربي وأفريقي يفعلها، مطيحا بكبار أوروبا والمصنفين الأوائل على العالم تباعا، جعل الشمس الكروية تشرق من المغرب، و الأسود تحلق نعم تحلق واسألوا النصيري قاهر البرتغاليين عن المترين و٧٨ سم.!
ما فعله المنتخب المغربي لم يأت صدفة رغم الظروف التي أحاطت بمعسكره من إصابات تحامل عليها الشجعان بروح الابطال التي تدرس، فهو تأهل إلى الدور ثمن النهائي من صدارة مجموعته،و استدرج الماتادور الإسباني إلى عرينه قبل أن يفترسه بالترجيح من خلال وصفة تكتيكية ناجعة للراكراكي، واتبعه برفاق كريستيانو رونالدو في ربع النهائي دون الحاجة للذهاب إلى أوقات إضافية، بشخصيته الواثقة ونضج لاعبيه الفني والتكتيكي، ومن خلفه مدرب محنك يعرف ماذا يفعل وماذا يريد، وكيف يدير بذكاء وواقعية جوقة الأسود المزمجرة التي يحمي عرينها بونو ..وما أدراك ما بونو التاريخي الذي خرج بشباك نظيفة ( كلين شيت) في ثلاث مناسبات منها واحدة تضمنت ركلات الترجيح.
إذا نظرنا إلى القيمة التسويقية للفريق المغربي نجد بأنه أقل كثيرا أمام منتخبات كبيرة خرجت من الأدوار الأولى والإقصائية للمونديال( البرازيل، إسبانيا، ألمانيا، البرتغال …..)، وحتى الدوري المحلي المغربي لا يمكن قياسه بالدوريات الخمسة الكبرى التي ينشط بها لاعبو تلك المنتخبات، إلا أن تجربة لاعبي المغرب في الخارج وحتى الداخل، وقدرة المدرب على توليف المجموعة، والعقلية الاحترافية لعناصرها، الإرادة، العزيمة، الروح، الإيمان بالذات فعلت فعلها، وما زال هنالك متسع من فرصة للإتيان بالمعجزة ” كأس العالم”، لاسيما في حال وجد المغاربة طريقهم إلى المرمى بصورة أكثر فعالية ونجاعة أمام الديوك الفرنسية المهددة بالافتراس بأنياب الأسود الأطلسية، وحتى إن لم يتمكن المنتخب المغربي من فعلها، فهو لحد الٱن كان الأسد أكثر منه الحصان الأسود في المونديال، والفرصة أمامه متاحة لاعتلاء منصة التتويج، بعد أن قفز قفزة هائلة في التصنيف العالمي للمنتخبات.
الأربعاء المقبل سيشكل ملحمة جديدة لأسود المغرب ..والمطلوب نتف ريش الديك الفرنسي، وتحويله إلى مائدة عشاء مونديالي آخر على شرف عرب المغرب..
أما كرتنا السورية ..فـ”عساها من عواده”!