“وين الكهربا.. راحو المازوتات”؟!

محمود جنيد

سألني الصيدلاني عن وضع الكهرباء التي لم يعد وسكان معظم مناطق حلب يرونها، حتى في ساعات التغذية الفجرية غالبا بسبب الأعطال المزمنة،  وإن كان هنالك انفراج قادم؟  لكنه لم يأخذ مني أي جواب ” تبلجمت” ولم أكن أنوي أن ألقي على مسامعه اسطوانة الحصار وشح التوريدات النفطية وحوامل الطاقة والفساد الذي أخبرت عن ٱخر أحواله المتفشية، حادثة الـ٣٠٠ ألف ليتر المسفوحة.

وفكرت في قرارة نفسي بحل تقني لمشكلة ضعف رؤية الكهرباء،  وهي  منظار مطور للرؤية الليلية يقشع كل شي في أحلك الظلمات التي نعيشها!

وبدت الحاجة لذلك المنظار أكثر إلحاحا بالنسبة لي بعد العودة إلى منزلي المظلم بسبب غياب الكهرباء والأمبير بداعي عطل طارئ، ونفاد عمر البطارية التي  ذكر لي اكثر من محل متخصص بأنها تكلفة تغييرها تصل إلى ٣٥٠ ألفا، بينما أضواء الموبايلات الكاشفة غير متاحة بسبب عدم  توفر مصدر  تغذية للشحن!

وعندما هرعت لمعالجة الوضع،  سألني البقّال بتندر: هل عدنا إلى أيام الشمعة إذ أن هناك من سبقني للاستعانة بها ، بعد أن طلبت منه واحدة إسعافية لإجلاء الظلام، دون أن يدري بأن الغصة انتابتني  لدى معرفة أن ثمن تلك الشمعة التي كان ثلاث منها بمائة ليرة سورية خلال فترة الأزمة، أصبح بألف،  وبصلاحية نصف ساعة على الأكثر، وهي نفس الغصة التي اعترنتي بعد أن علمت بأن قرص الفلافل المصنع من خليط قوامه بقايا الخبز ” الماكن”،  صار بـ٣٠٠ ل.س، لدواعي عدم توفر الغاز، وتحليق سعر الزيت النباتي، والحمص، وكلفة الأمبيرات وسواها.!

وبعد حسبة تبين لي بأن أكلة فلافل مع حمص من قريبو كغداء ستكلفني أجرة عمل ثلاثة أيام، دون أن نخصم منها ضريبة الدخل ..نعم ضريبة الدخل على راتب لم يعد يكفي لتغطية مواصلات جميع أفراد الأسرة مع الف منية لأن بعض أصحاب السرفيس يصلون لآخر الخط بأجرة مضاعفة عن المحددة مؤخرا كحبر على الورق من قبل الجهة المعنية، أو باصات الاستثمار التي تتقاضى ٥٠٠ ل.س!

اعتقدت بأن الأمور ستنتهي في هذا اليوم الاغبر عند هذا الحد، وهممت لأعد العدة لجلسة دفء في ظل البرد الزمهريري الذي نخر عظام الأسرة، وقررت بعد جلسة مشاورة مع وزارة داخليتي المصونة، أن نشعل المدفأة ونحرق ليتر مازوت على شرف المرض الذي أصاب طلاب المدارس من عناصر العائلة، لكن يافرحة ماتمت، لأن المدفأة تواطأت مع الظروف علينا ورفضت العمل، “وسربت المازوتات” التي كل نقطة منها تعادل ثروة بالنسبة لأصحاب الراتب الذي يقتطع منه ضريبة دخل،  وانسفحت في الأرض بلا رحمة، وهنا تذكرت جريمة الـ٣٠٠ الف ليتر، وكيف اضمرت في سري الارتياح  عندما قرأت خبر القصاص الذي نزل على مقترفها، ليس من باب الشماتة أو التشفي لا سمح الله، ولكن من مبدأ القصاص بداعي الإصلاح وبتر شأفة الفاسدين الذين أمنوا العقوبة فتمادوا  وتفرعنوا،  وتحمدت ربي بأن الخسائر لدي اقتصرت على فرار الجميع من غرفة المعيشة، وذهاب ثروتي من المازوت المدكن للأيام السوداء سدى!

ونمنا بعدها بلا هز ..بلا أحلام،  لأن كوابيس و هزات بدن الظروف والواقع،  كافية كل يوم  للقيام بالواجب !

                                                            

⬇️⬇️⬇️

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ??

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار