ليلة – الزلزال المدمر!

  • محمود جنيد

لم يكن ينقص سكان حلب سوى هلع تلك الليلة التي زلزلت كيانهم ومساكنهم وأزهقت أرواح المئات منهم.

الأمر ما كان اعتياديا، فالأبنية تمايلت على (٧, ٧ ) رختر، وهزت وخلعت القلوب خوفا، على إيقاع الصراخ المنبعث من ارتعاد السكان المتداخل مع دوي سقوط الأبنية المجاورة،  وهذا سعمته وشاهدته وكابدته مع أسرتي كغيرنا من الأهالي الذين خرجوا بلاوعي ..بحلاوة ما بقي من فتات روح نهشتها الحـ.ـرب وأزمتها وتداعياتها من حصار وقيصر وظروف معيشية واقتصادية سادية، ليرموا بأنفسهم إلى الشوارع والأماكن المفتوحة، بركة السماء من فوقهم والبلل من تحتهم،  تجلدهم سياط البرد القاصم للعظام الهشة!

وما كاد يعود الناس إلى منازلهم متأملين انحسار الكارثة، حتى تعيدهم المنشورات العبثية المتداولة عبر منصات التهويل والتدليس، عن المزيد من أهوال الزلزال وهزاته،  إلى الشوارع نازحين عن منازلهم، دون أن يعرفوا لأنفسهم وجهة كون المصاب عام ولا احد على رأسه خيمة!

وبعد أن أكلنا الضربة الأولى التي “شندلت” نساءنا ومسنينا وأطفالنا والعاجزين الذي تركوا بمواجهة مصيرهم، نتساءل عما بعد، لاسيما بالنسبة للعالقين تحت الأنقاض من جثث هامدة أو أحياء موؤدين، والتحدي القادم حول صعوبة انتشالهم في ظل الامكانات العامة المتواضعة التي لا تضاهي حجم الكارثة خاصة وأننا تابعنا خلال تغطيتنا يوم أمس،  الجهد المضني الذي احتاجه إخراج الأب الذي يحتضن ابنه في مبنى حي صلاح الدين، فكيف للعشرات وربما المئات الذين يعلوهم الركام؟

الأمر الآخر متعلق بالمباني ضمن الأحياء الشعبية ذات الصفة العمرانية العشوائية، والتي ستنضم إلى الأبنية الكثيرة الآيلة للسقوط، بعد تصدع وتضرر من لم ينهار منها خلال الزلزال المدمر، وبالتالي فإننا سنكون أمام نكبة حقيقية في هذا الجانب، بالنسبة لواقع السلامة العامة، والحفاظ على حياة المواطنين وتأمينهم.

أما المجتمع الدولي ودوره في رفع ضيم وظلم العقوبات عن الشعب السوري الذي تهافتت عليه المصائب من كل حدب و  جنب، فهذا ميؤوس منه، كما أصحاب الأزدواجية الماجنة في معاييرهم الإنسانية، يواسون طرف ويعلنون التضامن مع مصابه الجلل، بينما يمعنون في خنق الآخر،  ومن على شاكلتهم يمد جسور المساعدات الجوية لطرف دون الآخر بصفاقة، لكن إن خليت خربت فهناك من سيتحدى العقوبات ويقف مع السوريين المتضررين من الزلزال كما جميع المؤسسات والفعاليات الرسمية والخاصة  والمجتمع المحلي الذي سيتوحد  من أجل مجابهة هذه الأزمة التاريخية التي تمر بها بالبلاد.

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار