✍️| عتاب ضويحي
نحن السوريين، النصف أوجعنا كثيراً، كان أقسى مما يتخيله عقل أو يدركه بشر ، نصف دقيقة جعلتنا نعيش أنصافاً قاسية، نصف موت ونصف حياة، نصف وجود ونصف لاوجود، نصف وعي ونصف لاوعي، نصف خوف ونصف طمأنينة، نصف حاضر ونصف متلاشٍ،نصف يأس ونصف أمل.
نصف دقيقة قسمت حياتنا نصفين، النصف الأول بالمطلق لايشبه النصف الثاني، نصف أول ضعيف منكسر متذمر،و نصف آخر جديد خرج من ظلمة نفق طويل، حاملاً معه بشارات أمل جديدة، يمد يديه ليحملنا للقمة،لأنها مكاننا الوحيد، نحو عالم يشبهنا نحن ولا يشبه غيرنا، من لم يعش يوماً ما عشناه وقاسيناه، ليس شراً ما حدث لنا، بل الخير وكل الخير في تلك الزلزلات والهزات التي أسقطت قناعاً غريباً عن ملامحنا،نرى تكاتفاً، تعاطفا، تعاوناً، تآزراً، تهافتاً على الآخر كجسد واحد تداعى مع وجع واحد، الكل واحد، والواحد كل، توحدت الآلام والمصير واحد.
صحيح أن الأرض اهتزت وأخرجت فاجعة راح ضحيتها الكثير، لكنها أخرجت معدن أصيل ثمين، المعدن السوري اللامع البراق، ومعه معدن الشرفاء أنقياء القلوب، حتى وجعنا لم يكن عادياً بل استطاع تحطيم القيود، وإنعاش الضمائر الميتة.
إنه نصف مؤلم لكنه نصف مشرق.