الجماهير || عتاب ضويحي
اقترب الفجر من البزوغ، والهدوء الذي اعتدناه يعم المكان ،لا شيء يدعو للقلق ، وحده الصخب الذي يكتنز داخلنا والانشغال بأمور الحياة الدنيا، لكن كان هناك من يتجهز للاقتراب شيئاً فشيئاً، يستعد لمفاجأتنا ، ويفصلنا عن الهدوء الذي ألفناه، ويوقف الزمن عند الساعة الرابعة و17 دقيقة، ويغير الدنيا وأحوالها.
يستطيع شخص واحد أن يروي تفاصيل ما مر به خلال 30 ثانية بلسان مدينة بأكملها، اهتزاز مخيف مزلزل مفاجئ، وأصوات المذعورين، صراخ مقلق، ارتطام، أشياء تتكسر وتتطاير وتتناثر، تحالف معها برد قارس وأمطار تتغذى من دموع الموجوعين.
حشود الناس بدأت بالزحف نحو مجهول ثابت هرباً من واقع مهتز، الانعتاق من تلك الثواني العصيبة والنجاة بأرواحهم ومن يحبون هاجسهم ، الوقت لم يسعف الكثيرين كانت الضربة أسرع من خطواتهم، زارهم القدر بغتة يدعوهم لمكان أجمل، لبوا دعوته دون اعتراض ليكونوا هم الأموات الأحياء، تاركين الحزن والكثير الكثير من الوجع للأحياء الأموات.
كانت البداية واحدة لكن النهايات مختلفة، أية نهاية للناجين المشردين، الهائمين، الخائفين، أسرى تفاصيل تلك الثواني المرعبة، عاجزون عن البدء بإعادة ترتيب أنفسهم من الداخل، الأنفاس بين شهيق وزفير تملأ الدنيا ضياعاً وحيرة وشتاتاً، الاستسلام ممنوع، والكل ينتظر أن يرى بعينيك نظرة استسلام حتى يستسلم ا أيضاً.
الذاكرة عالقة هناك بأطول ثلاثين ثانية في العمر، ثلاثون ثانية بألف عام!
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام