الجماهير || أسماء خيرو.
لا أحد يستطيع أن ينكر بأن مشاهد كارثة الزلزال لم تكن إلا صورا أعادت سنوات الحرب بكل مآسيها إلى ذاكرة جميع أهالي مدينة حلب لينشرها من جديد في أفقه الحزين المكتئب ، ويعمق من آلامهم وخاصة المرأة التي وجدت نفسها للمرة الثانية في مواجهة مباشرة مع المعاناة النفسية والإنسانية فلا عجب اليوم وإن علت صيحة حزن جريحة من حنجرتها بأن تقف من جديد وتثبت نفسها .
لذلك وفي يومها العالمي وبالرغم من صدى الرعب والخوف الذي مازال مسيطرا نسلط الضوء على شابات ملهمات استخلصن من معايشة مشاهد الزلزال العنيفة عناصر الشجاعة والقوة والإرادة ليتغلبن على إحساسهن الحاد بالخوف والألم والضعف والانكسار .
* مساعدة الآخرين دافع لكسر الخوف .
تقول الشابة علياء الأحمة طالبة إرشاد نفسي في جامعة حلب حين وقع الزلزال في البدء كان الخوف مسيطرا علي ولكن شيئا فشيئا بدأت أتحكم بأعصابي للوصول لفهم ما الذي حدث ، لافتة الى أنها بعد الاطمئنان على عائلتها وأقاربها بدأت بالتفكير مباشرة كيف لها أن تساعد العائلات المتضررة من الزلزال ، فبدأت بمساعدة المتضررين بتوزيع الوجبات الغذائية في مراكز الإيواء ، ثم شاركت بمبادرة مع صديقاتها بشراء الخبز وتوزيعه على المتضررين ،ثم تطور عملها للمشاركة في تقديم الدعم النفسي للأطفال .
وأشارت علياء إلى أن الكارثة علمتها الكثير ، و صقلت من شخصيتها ، وكونت في داخلها شعورا جميلا بأنها قادرة على تقديم شيء لوطنها وإن كان بسيطا ، ولكن أكثر ما أثر فيها خلال عملها التطوعي رؤية الناس المتعففة الذين بالرغم من تهدم بيوتهم بالكامل وضعفهم مازالوا لايطلبون من أي أحد المساعدة.
* قوة نابعة من التسليم بقضاء الله .
وتوضح الشابة زُهيدة هورو مدرسة موسيقا ومدربة كورال في دائرة المسرح المدرسي بأنها كمعلمة موسيقا كان لابد لها من التعامل بحنكة مع الكارثة من خلال التسلح بالإيمان والتسليم بالقضاء والقدر ، والتحكم في الوقت بوضع خطة عمل تنسينها كل الآثار والأفكار السلبية التي خلفها الزلزال لذلك بدأت بالقراءة ومتابعة عملها في مجال الموسيقي بالاستمرار بالعزف على آلة الكمان فضلا عن التواصل مع طلابها لدعمهم ورفع معنوياتهم كما خصصت من وقتها مساحة خاصة لأطفال الجيران والأقارب والمعارف بتنظيم جلسات ثقافية في المنزل لتعلمهم من خلالها الموسيقا إضافة للغناء والعزف لهم ورواية الحكايات التي تحمل عبر وحكم وكيفية التغلب على الخوف والتعامل مع الكارثة على أنها طبيعية حتى أنها اجتهدت لتوسع نشاطها لينتقل لنطاق أوسع لمدارس القرية التي انتقلت إليها مع عائلتها.
* الضعف وسيلة لصناعة القوة .
وتقول الشابة أمية نجار بأنها كمتضررة وكمستجيبة لكارثة الزلزال وبحكم عملها في الهلال الأحمر العربي السوري في حلب عاشت تناقضات شعورية ، بين كيف ستترك أهلها وأخواتها في منزلها والبناء المقابل للمنزل آيل للسقوط وبين الذهاب لتؤدي عملها الإنساني وتساعد الناس المكلومة ،موضحة بأنها حاولت أن تصنع من ضعفها قوة ، بأن تترك مساحة لنفسها أن تضعف وأن لا تتصنع القوة؛ كي تعود أقوى وتتجاوز الكارثة ، لذلك لجأت لأشخاص يهمهم أمرها وأفضيت لهم عن مشاعرها ، وهم صديقتها المقربة ورفاقها بالعمل وجدت فيهم الأذان المصغية، فقد كانوا دائماً موجودين لأجلها وداعمين لها.
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار والتطورات على قناتنا في تلغرام