بيانكا ماضيّة
على الرغم من كل مامررنا به، بدءاً بتداعيات الحرب مروراً بالضغوطات الاقتصادية وانتهاء بكارثة الزلزال التي أسفرت عن العديد من المآسي والمشكلات التي لم تخطر يوماً على بالنا نحن السوريين، والتي باتت محط اهتمام وتعاون محلي وإقليمي، نفتح صفحات جديدة على الصعد كافة من أجل استمرار الحياة، إذ لابد من انقشاع الغيوم لأيام مشرقة يعوزها السوريون، فكم عانى هذا الشعب من ويلات الحرب، وكان في انتظار أن تنتهي مآسيه ليعيش حياة جديراً باستحقاقها، فأتى الزلزال ليكمل على تلك المآسي بأحزان وآلام أخرى..
حزين ومتألم هذا الشعب الذي لايستحق إلا كل الخير والسعادة، ولكن أعداءه الذين يتربصون به، لم ينفكوا عن سلب هدوئه وأمانه، ولهذا فهو يحارب على جبهات عدة لأجل متابعة مسيرة حياته. ولئن كان البعض قد سيطرت عليه مشاعر الإحباط واليأس إلا أنه في قرارة نفسه يتطلع إلى غد مشرق مهما بلغ منه الإحباط مبلغاً، لأن لا يأس مع الحياة، وهو في قمة مآسيه ومعاناته كان ينشد هذا الغد الذي لابد من أن تشرق فيه شمس الخلاص ممن يحتل أرضه ويعمل على سلب ونهب خيراتها لأجل أن يبقي هذا الشعب تحت نير العوز والفاقة والجوع وكل أنواع المآسي، لأجل أن يميته ويسحقه، وهو يعلم جيداً أن هذا الشعب الذي بنى أولى الحضارات، لاتميته نيران الأعداء، إذ سيخرج من تحت رماده لإعادة بناء ما تم تدميره وتخريبه، وهو سيعود اليوم خارجاً من كل المآسي لبناء حياته مجدداً، لا يأس مع السوري الأصيل الشريف الذي يؤكد المرة تلو الأخرى أن جيناته ماهي إلا جينات البناة الحقيقيين، الذين ماكانت هذه الحضارات في العالم كله لولا فكره وثقافته وإعمال عقله في كل مايحيط به، هو الذي صدر نور العلم والمعرفة إلى كل بقاع العالم، وهو الذي يستحق أن يحيا ليكون الأنموذج المثالي على الأصعدة كلها كما كان عبر تاريخه المجيد.