ملامح رمضان الروحية والاجتماعية بأقلام أديبات من حلب

الجماهير || أسماء خيرو

يواجهنا رمضان منذ قدومه بملامح خاصة به يحققها الإنسان عن طريق الاندماج بأجوائه الروحانية وإحياء طقوسه الاجتماعية . فلم يكن شهر رمضان يوما إلا عنوانا للجمعات الطيبة ، والبركة والخشوع ، والصفاء والتأمل ، والتسامح ، والذكريات الجميلة بالرغم من الحزن والمعاناة التي تكتنف أيامه ولياليه في أيامنا الحالية نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية .

 

وللحديث أكثر عن هذا الشهر وقفت الجماهير مع أديبات من حلب

 

* شهر الجمعات الطبية .

تقول الأديبة سها جلال جودت بأن لغرة اﻷشهر القمرية طقوسه المميزة والمحببة إلى القلب، فهو شهر الخير والبركة والجمعات الاجتماعية الطيبة التي يباركها بتحابهم وتواصلهم اﻷهل واﻷصحاب واﻷصدقاء، إنه شهر نعمة المحبة التي تجمع الناس حول مائدة واحدة، لاتفرق بين كبير وصغير، تتنوع أشكال وأصناف اﻷطعمة كل حسب قدرته وإمكانياته المادية، لتضيف عما تفتقده في هذا الشهر الفضيل، فتقول والحسرة تأكل جوانية روحها : أفتقد بناتي ولمتهم معي، أفتقد حضورهن الجميل، لقد حكمت علينا لعنة الحرب بجنون الاغتراب الذي نال من شبابنا وشاباتنا، ولكننا لم نفقد تواصلنا عن طريق الشابكة ، رغم هذا له الحمد والشكر على منة بقائنا على قيد العمر .

* طقس للتأمل في الحياة

فيما الأديبة غالية خوجه تقول : أن رمضان المبارك شهر الكلمة الطيبة والوحي والقرآن الكريم والكلمة الأولى “إقرأ” وليلة القدر، ودعوة للصفاء والطمأنينة بين الذات والخالق والمخلوقات، والشعر والكتابة والقراءة والعمل طقس للتأمل في الحياة ونصوصها الغائبة وتحولاتها ومؤثراتها الكامنة في هذه اللحظة التي هي كل اللحظات بما فيها صوت المسحّر وطبلته وهو ينادي “يا صايم وحّد الدايم”، وصلوات التراويح في المساجد القريبة من بيتنا، وطرق الأبواب على الجيران قبل آذان المغرب لتقديم طبق الطبخ الذي تعدّه أمي رحمها الله، وقبول أطباق الطعام من الجيران، وزيارة الأهل والأقارب، وتبادل الزيارات معهم ومع الجيران والأصدقاء والمعارف، وذلك منذ الطفولة إلى ما قبل الحرب الإرهابية على سوريتنا الحبيبة وما قبل الشتات العائلي في أصقاع الأرض .

* دعم روحي نوراني .

وتضيف الأديبة خوجة من أهم ذكرياتي أنني صمت الشهر المبارك كاملاً لأول مرة وكان عمري 5 سنوات وحظيت بهدية قيّمة وعيدية ضخمة من أمي وأبي رحمهما الله، ومن ذكرياتي التي لا تنسى تجوالي مع أبي منذ كنت في الرابعة من العمر وأنا صائمة في مدينة حلب القديمة وآثارها الإنسانية الحضارية، وكان أبي يسمي هذه الجولة ب “سوق رمضان”، وما زلت معتادة عليها حتى هذه اللحظة، فأتجول بين قلعة حلب وأسواقها الأثرية وترافقني روح أمي وأبي وأرواح الشهداء، وخطوات الفصول، وأفكاري، وأحلامي، وروائح الأسواق الجميلة المفعمة بالحياة وطيبة أهلها وكرمهم ومحبتهم وعفويتهم، وترافقني ذكرياتي بين الأزمنة والأمكنة ومنها في الإمارات وطقوسها الرمضانية الجميلة أيضاً، ويجذبني الحنين إلى العالم المتحرك بأعماقي فأرى طفولتي الجميلة تتقافز مثل الحمامات والقطط والفراشات والشمس والقمر، فألهو، حتى الآن، مع هذه الطفولة الأبدية، التي يكملها أحفادي وهم يعيشون طقوس هذا الشهر الفضيل وهم في دولة أجنبية، وأجعل من شهر رمضان عمراً كاملاً للمحبة الإنسانية والضمير فأنتقد نفسي لأطورها، وأبحث عنها لتحصل على المزيد من نعمة الله في الصبر والتطهّر، فأكتسب المزيد من الدعم الروحي النوراني ضد الظلمات والظلام، وأحمد الله سبحانه وتعالى على كل شيء، وأدعوه أن يحفظ وطننا سورية ووطننا العربي والعالم الإنساني، ودمتم بكل خيرات التجلّي المضاءة من خلال التخلّي.

* نفحات إيمانية روحانية.

وبدورها الأديبة ابتهال معراوي تقول : الكتّاب والشعراء كغيرهم من الناس يعيشون بركة وخشوع هذا الشهر الفضيل ، لتلفت بأن أهم ما يميز طقوس رمضان ، حميمية الإفطار المشترك بين أفراد العائلة الصغيرة والكبيرة وتنوع مايكون على المائدة ، إذ يلبس الشهر جبة الكرم في كل شيء ، نعم حتى بإلهامه بالكتابة عنه وعن فضائله تزيد عند عشاق الكتابة شعرا أو نثرا ، ولايخفى على أحد غناه بروحانيات تميزه وتسكبه طمأنينة في قلوبنا رغم الأحداث والكوارث التي تلاحقت في بلدنا ، لقد أتى في سنواته الأخيرة مشفوعا بالحزن والمعاناة ، ورغم ذلك تبقى نفحاته الإيمانية التي تحيي الروح دون كل الشهور.

 

* المسحراتي والسحور .

وتبين الأديبة معراوي بأن من أهم الذكريات التي سرقها العمر تحول السلوك الاجتماعي، فالاستيقاظ للسحور كان له في الصغر طقسه المحبب محاه السهر الطويل في أيامنا هذه ، مشيرة إلى أهم ما يميز الشهر الالتزام بالصلاة والعبادة والمتاجرة مع الله تتزايد في رحابه فهو شهر الكرم بالأجر والثواب، أيضا المسحراتي رجل الصيام له في الذاكرة الموقع الذي يلامس الروح منذ أيام الطفولة والشباب وحتى الآن.

* فرصة لمداواة جراح الحياة .

ولفتت الأديبة معراوي إلى أنها عادت لكتابة الشعر مؤخرا، وأصبح في كل مرور لها في حياتها تقف في عتبات الشهر الكريم لتنشده وتكتب عنه ، ومما كتبت عنه / شهر أعار الدهرَ من آلائه / لبس الوقار خشوعه بعطائه/ الصوم لله الكريم وإننا طمعاً نصوم تمسكاً بسخائه / إن شاء ربي فالمشيئة حولُنا/ لاحول إلا ما اقتضى بسمائه/ صوموا تصحوا صحتين بشهرنا / فاز الذي غنم التقى من (شائه) / ضيف ينادي لن يطول مكوثه / قوموا وهبوا واحتفوا بندائه / رمضان شهر روحاني الخطى / صوفي الاتكاءات والتصرفات / منوهة في ختام حديثها بأن شهر رمضان فرصة لنأخذ نفساً عميقاً يقربنا بنقاء من الله أكثر لمداواة ما جرحت حياتنا بحسن الظن به وفي النهاية سنظل نجأر بالدعاء..

 

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار