بيانكا ماضيّة
لا لا يخاف الإرهـ.ـاب من الفن!!! هذا ما أجاب به أمس الفنان التشكيلي “المايسترو” سعد يكن، عبر اللقاء التلفزيوني الذي أجرته معه ومع المايسترو نزيه أسعد، المذيعة السورية المتألقة فتون عباسي في برنامجها “ألوان الحياة” على قناة الميادين، وكان ذاك جواباً عن سؤالها: هل يخاف الإرهـ.ـاب من الفن؟! لكننا هنا، ونستميح الأستاذ يكن لمخالفته في الرأي، نتساءل تعليقاً وردّاً: كيف لايخشى ويخاف ويرتعد الإرهـ.ـاب من الفن؟ وقد كانت جميع عملياته الإرهـ.ـابية لمحو الفن والتراث العريق للشعوب، لا محوه وحسب من الواقع، لا بل محوه من الذاكرة (الفردية والجمعية) أيضاً؛ إذ انصبّت أهدافه نحو التراث المادي والمعنوي، وكذلك البنى التحتية الثقافية، كما انصبت على الأفراد المبدعين من مفكرين وأدباء وكتّاب وفنانين تشكيليين؛ لأن الفن هو العدو الأساس للجهل والتطرف، ولئن كانت المجموعات الإرهـ.ـابيّة يغلب على أفرادها الجهل، إذ قاموا بقتل هؤلاء المبدعين من منطلق أنهم يجسّدون أو يخلقون، متجاهلين أن الإنسان خليفة الله على الأرض؛ أي يبدع ويخلق ويبتكر؛ إلا أن المحرّك الأساسي لهم يدرك تماماً القيمة العليا لهذا الفكر والفن والإبداع، وهي الجمال.
لذا، كان هدف ذاك الإرهـ.ـاب يكمن في قمع هذه الحرية في التعبير؛ لأن الفنان بما يمتلك من رؤى وأفكار تقدمية تصب في بوتقة الجمال والحياة، هي على النقيض ممّا يحمله الإرهـ.ـاب من ضحالة وحقد وكراهية وعداء أهوج وفكر استئصالي إقصائي تدميـ.ـري، فيسعى إلى تحطيم وتدميـ.ـر كل أشكال الحضارة والفنون والآداب، وكل ما يستشعر فيه حسّاً إبداعياً جمالياً، وهذا ما رأيناه بأعيننا في عملياتهم الإجـ.ـرامية للأماكن التاريخية، وللأعمال الفنية التي تشكل إرثاً إنسانياً مشتركاً للشعوب، ولهذا كانت المسارح الكبرى المنصّة الرئيسة لعمليات الإعدام، بما يعني إعـ.ـداماً للعقل ونتاجاته الحضارية وتدمـ.ـيراً للابتكار والأخلاق والذوق والرقي، وبالتالي المنصة الرئيسة لنا للرد على هذا الفكر المتطرف بنشر فكرنا وثقافتنا بما تحمله من وئام ومحبة وسلام عبر الموسيقا والفن بشكل عام. ولأن الفن في أحد وظائفه، هو دعوة للتسامح والتقارب الحضاريين، فإنه يشكل عمليّة مضادة لرسالة التطرف الداعية إلى الفرقة والصدام والعنف، فإن أردنا محاربة هذا الإرهـ.ـاب، علينا أن نقوم بما يغني ثقافتنا وفننا وينشرها على أوسع نطاق، لا تحويل هذا الفن إلى سلعة رخيصة مما يدمر الذائقة الفنية للأجيال؛ ذلك أن الممول الرئيس للإرهـ.ـاب والفن الهابط هو جهة استعمارية واحدة تدرك أن غزو الشعوب عبر الإعلام الفوضوي (وسائل السوشيال الميديا) بتسييد ونشر ثقافة التفاهة والسخف، جدير بمحو كل أشكال الإبداع الأصيل، وبالتالي كلما ارتقينا بفننا وحافظنا على تراثنا بجميع أشكاله أصبنا الإرهـ.ـاب في مقتل فكراً وعقيدة.