‏لا تنطفئ

بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة

 

إياكَ واليأسَ إن بانت معاولُهُ

فالفجرُ حينَ ذهابِ الليلِ يبتسمُ

 

فاشدد ذراعك صبرًا والتمس مددًا ‏

من الإله إذا الأخطارُ تحتدمُ ‏

 

إن هذه الحياة لا تصفو لأحد ولا تمنح العيش المريح على الدوام، إذ التقلب من طبعها لذا فهي تتطلب صبراً وحكمةً لخوض معتركاتها دون يأسٍ ودون أن تنطفئ جذوة التفاؤل وحسن الظن بالله في النفوس .

 

وليكن اليقين بأن الحياة كلها عند أهل الإيمان مصدر للخير كما علمنا الذي لا ينطق عن الهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم  حيث قال: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)رواه البخاري.

ويقول سلطان العلماء الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: “اليأس والقنوط استصغار لسعة رحمة الله عز وجل ومغفرته، وذلك ذنب عظيم، وتضييق لفضاء جوده”.

 

ولعل القصة التي كنت قد قرأتها عن فلاح لم ييأس ولم ينطفئ تمنحنا مثالاً تطبيقياً عن معنى عدم الاستسلام لليأس، والثبات على حسن الظن بالله سبحانه.

تقول القصة: أنه كان فلاح يعيش في إحدى المزارع الجميلة وكان يزرع أرضه في بداية كل موسم؛ ويُحافظ عليها من كلّ شيء؛ وفي أحد المواسم تأخر المطر كثيرَا مما دعا جميع المزارعين أن يمتنعوا عن زراعة أرضهم لأنهم كانوا متأكدين من أن الزرع لن ينمو وسيموت كله ولن يأتي المطر. لكنّ ذلك الفلاح حرث أرضه وبذرها وظلّ متفائلا بأن المطر لابدّ سيهطل قريبا وأنّ الزرع سينمو وستُصبح أرضه خضراء. وبقي ذلك الفلاح يدعو الله أن يهطل المطر وألّا يذهب تعبه سدى وكان على يقين بأنّ الله سبحانه لن يخيبه؛ وفي غمرة كل هذا استيقظ الفلاح على صوت المطر الذي سقى الزرع فاخضرّت الأرض وامتلأت بالثمار ندم جميع الفلاحين الذين لم يزرعوا أرضهم وتعلموا من الفلاح أن يحسنوا الظن بالله دوما مهما كانت الظروف.

 

قد يردد البعض عبارات التقدم في العمر، وتتوارد أفكارٌ لطالما حملها الشيب إلى قارعة الحياة، غير أن أكثر الأمور حقيقةً هي تلك الشيخوخة التي تجتاحُ الإنسان عندما يبدأُ ضوء روحه يخبوا ويسير نحو الانطفاء.

 

فحذار حذار أن تنطفئ مهما مررت بظروفٍ قاسية من تعب وانكسارات،  فالحياة تستحق منك المقاومة والوقوف من جديد بعد كل سقوط، كُنْ أملا ، كن نوراً، كن مُشرقاً فأنت ما زلت حيا، وصعوبات اليوم هي مزايا الغد وقواعده الراسخة.

 

لا تنطفئ ولا تتوقف عن الحياة بكل معانيها المشرقة فالله سبحانه قد خلقك لتكون أنت القنديل في الظلمات لذاتك ولكلّ من تحب.

 

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار