بيانكا ماضيّة
لحظة انبلاج فجر هذا اليوم.. وفيما كنتَ تكتب على صفحتك في موقع التواصل الاجتماعي حروفاً من حبّ وعشق لتلك السواعد التي تستعيد بلادك شبراً شبراً من أصابع سوداء تحرق الأخضر واليابس.. يقفز إليك صديقك الجندي الافتراضي الجديد.. كمظليّ يهبط إليك صباح هذا اليوم.. يوم عيد الشهداء ليطلب منك أن تكتب شعراً للجنود، للشهداء، للجرحى.. أشعراً تطلب مني ياصديقي وأنتم من تسطّرون القصائد والملاحم لهذه الحبيبة السوريّة؟! أيّ شعر يطال النجوم التي تلمع على أكتافكم؟! أيّ حروف تضاهي بمعانيها تلك المعاني التي تنثرونها في فضاء المدن؟! هكذا رددتَ على طلب صديقك الجندي الذي مشى بأقدامه طوعاً ليكون إلى جانب أصدقائه الجنود.. وتتذكّر أصدقاءك الجنود الافتراضيين ولم يكونوا إلا جنوداً حقيقيين أفعالاً وطلقات.. أولئك الذين افتقدتهم ولم تعد تقرأ لهم تلك الحروف التي كانوا يسطّرونها في صفحاتهم وعلى أرضهم.. كم كانت حروفهم رائعة المعاني؟! كنت تعجز عن كتابة حرف كتلك الحروف.. كنت تقف عاجزاً أمام مشاعرهم وأحاسيسهم ومدى عشقهم لتراب جبلوا منه وعادوا إليه.. صور وصور رحت تعيد فتحها في صفحات التواصل لتزرع فوق أجداثهم وروداً ورياحين في عيد متجدد.. فبأي حال عاد اليوم هذا العيد؟!
تتذكر كلّ الجنود الأصدقاء.. وكلّ الجنود الذين كانت بنادقهم صديقاتٍ لك ولهم.. وتتذكر كل تفاصيل الاستشهاد التي لاترقى إليها ملاحم.. كأن كل أصدقائك الذين ماعادت حروفهم تصل إليك كانوا يدركون مصيرهم المشرّف..كانوا يجعلونك تعتاد غيابهم كيلا يصدمك الرحيل الأخير.. تبكي وتفخر.. وتعانق بقية من صمد ومازال يطلق رصاصاته في وجه من أصدر فتاواه الرخيصة.. كؤوس من دم كانت تلمع على موائد العشاء الأخير.. هذا هو الدم.. دم العهد الجديد الذي يهرق من أجل الخلاص.. هذا هو الجسد الذي يقدّم من أجل أن يعود رجلَ السلام ونبيّه!!..
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام