بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة
الحياة هي الحاضنة الكبيرة لكل المخلوقات عموماً؛ ولكل البشرية خصوصاً، البشرية التي يُفترض أنها تعيش مع بعضها البعض بسلام، وتتفاعل بشكل إيجابي، وهي بهذا المعنى تزهو، وتزدهر، وتتألق.
وقد قرأ الكثير من المهتمين عبارة: ”لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تُبنى حصون السلام” هذه هي العبارة العميقة التي تُمثّل الميثاق التأسيسي لليونيسكو في منظمة الأمم المتحدة. ولم نر لها بناءً على أرض الممارسات البشرية.
ونحن نقترب في هذه الأيام من “اليوم الدولي للعيش معًا بسلام” الذي قررت منظمة الأمم الـمُتحدة جعله في السادس عشر من شهر أيار، وكان تاريخ هذا القرار في الثامن من كانون الأول (2017م)
“اليوم الدولي للعيش معًا بسلام” هو أن نتقبل اختلافاتنا وأن نتمتع بالقدرة على الاستماع إلى الآخرين والتعرف عليهم واحترامهم، والعيش معًا متحدين في سلام. على حدِّ تعبير منظمة الأمم الـمُتحدة، والتي أكدت في بيانها أن يومًا كهذا هو السبيل لتعبئة جهود المجتمع الدولي لتعزيز السلام والتسامح والتضامن والتفاهم و التكافل، والإعراب عن رغبة أفراد المجتمع في العيش والعمل معاً، متحدين على اختلافاتهم لبناء عالم ينعم بالسلام وبالتضامن وبالوئام.
ويمثل هذا اليوم دعوة للبلدان لزيادة تعزيز المصالحة وللمساعدة في ضمان السلام والتنمية المستدامة، بما في ذلك العمل مع المجتمعات المحلية والزعماء الدينيين والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة، من خلال تدابير التوفيق وأعمال الخدمة وعن طريق التشجيع على التسامح والتعاطف بين الأفراد.
هذا هو الأمر النظري في منظمة الأمم المتحدة بيد أن ما نراه على أرض الواقع غير ذلك تماماً وهو ما يجعلنا نرى فصاماً واضحاً بين القول والفعل، بين الكلام النظري والواقع التطبيقي.
والفصام هو اضطراب ذهني يُعرف بالشيزوفرينيا ينفصل به الـمُصاب عن الواقع فيصبح خيالًا، وتنتاب الهلاوس والأوهام والضلالات. وهذا بالضبط ما يحدث.
إن ما نراه من اعتداءاتٍ مستمرةٍ منذ عقود كثيرة إلى يومنا هذا من قوى الاستكبار على أُمتنا العربية والإسلامية، وما نشهده من عدوانٍ مستمر من الصـ.ـهاينة على شعبنا في فلسطين وما نراه من حروبٍ ودمـ.ـارٍ وإبـ.ـاداتٍ واغتيـ.ـالات يقف وراءها الشيطان الأكبر “أمريكا” وربيبتها الصهـ.ـيونية ؛ يؤكّد ذلك الفصام الحاصل للمجتمع الدولي.
هذا الفصام الذي يدفعنا إلى عدم الركون إلى أقوالهم والسعي الحثيث لتحصين مجتمعاتنا والمحافظة على حقوقنا بما نستطيع من إمكانات.
عندما تكون أمتنا قوية يأتون إليها محاورين مُسالمين، ولكنهم ما إن يلمحوا ضعفاً حتى ينقضوا عليها انقضاض السبع على فريسته، واللِّصُّ على نُهبَتِهِ.
وكم كان صادقاً وفهيماً الشاعرُ الحطيئة رحمه الله تعالى حين قال:
إذا خافَكَ القومُ اللِّئامُ وَجَدْتَهُمْ
سِراعًا إلى ما تَشتهي وتريدُ
فلا تَخْشَهُمْ، واخشُنْ عليهم، فإنهم
إذا أمِنوا منك الصِّيَالَ أُسُودُ
إن الضعف لا يُثمرُ كرامةً، والخوفُ لا يُنتج قوةً، والأيدي الـمُكبَّلة لم ولن تبني إلا ما يَسمُح لها سيدها.
فيا ربنا أبدل ضعف أمتنا قوةً وخوفها أمناً وخرابها بناءً يا أكرم مسؤول.
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام