سمةُ المرحلة تكافلٌ وتعاون

بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة

 

يا من ملا بدم الفقير جيوبَهُ

قد زاد من آهاتهِ بغناهُ

كل الحياةِ مواقفٌ مكتوبَةٌ

والله جامِعُ كُلَّنا بجزاهُ

 

لا يمكن أن يدعي أحد من الناس عدم وجود أزمة كبيرة يمرّ بها الوطن والمواطنون في هذه الأيام، وأمام هذا الواقع الذي نعيشُه كان لا بدَّ أن نُذكر أنفسنا نحن أبناء هذا الوطن العظيم بضرورة التعاون والتكافل الاجتماعي الذي يُشكّلُ قارب النجاة لنا في هذه الأزمة؛ الجميع معنيون بهذا الأمر.

 

وبما أننا لا نملك إلا التذكير لا بدَّ أن نستند فيه إلى وصايا من له السلطان الأول والأخير على سائر البشر أعني به الله سبحانه وتعالى حيث قال: {وتعاونوا على البرِّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة:2]

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه …) رواه مسلم

إن التعاون والتكافل سمة إنسانية ينبغي على كل البشر أن يسيروا في مضمارها ليعيشوا في مجتمعٍ متماسكٍ تنبتُ فيه المحبة ويُزهر الود بين أفرادة.

لذلك نتوجّه لجميع التُّجار، كما نتوجّه لأصحاب النوافذ الاستهلاكية الذين يبيعون السلع الغذائية (سمان، سوبر ماركت…) ، ولمن يمسك بمفاتيح تجارة المحروقات (غاز مازوت كاز بنزين) لكلِّ أولئك نتوجه إليهم بنداء المسؤولية ليضعوا مضاعفة الأسعار وتعبئة الجيوب جانباً وليضطلعوا بمسؤولياتهم فإن البلاء لا يناسبه الغلاء، وإن الـمُبتلى لا ينبغي أن يُزاد على همه هماً آخر فكفّوا عن صناعة الأزمة وسكب الزيت على النار.

 

وأما الذين جعلوا من أزمة الناس وعذاباتهم موسماً لتوسيع الرزق وزيادة الرصيد المالي؛ وحوّلوا مصائب الوطن إلى مجالاتٍ للاستثمار فأولئك لا يمكن أن نخاطب إلا ما تبقى لديهم من ضمير – في حال وجوده أصلاً – نخاطبهم لعلهم يقللون من جشعهم واستغلالهم.

 

لنجعل فعل الخير ميدان التسابق والمنافسة وليكون فعل الإحسان وجهتنا ولنهجر ميدان الاستثمار والاستغلال ليكون رائدنا قول خالقنا تبارك وتعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:148]

 

إن الذي بيده مقاليد الأمور والذي يُفقرُ ويُغني ويحرم ويعطي ويخفضُ ويُعلي هو الله تعالى، وهو الذي ينمي المال ويزيده وهو ينقصه ويمحقه، بيده كل شيء وعنده خزائن الدنيا والآخرة، فلنكن على علمٍ بهذا الأمر ولنبرمج حياتنا على هذا اليقين فإن فيه الفلاح والخير كله.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار