بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة
تساموا فأعطوا للشجاعةَ حقّها
وقد قارعوا موتاً بغيرِ ترددِ
فسلوا نفوساً كالسيوفِ بواتراً
فكان لهم نصراً كأسورةِ اليدِ
شبابٌ ولكن ألف عامٍ حلومهم
رجالٌ ولكن كالجبال الشواهدِ
عندما كنت أشاهد أولئك الأبطال وهم يحلقون فوق سور الكـ.ـيان الصهـ.ـيوني الخبيث وهم يفتحون عيون الكون لرؤية قضيتهم المُحقّة في عمليتهم البطولية التي سُمًيت بـ” طوفان الأقصى ” ذلك الطوفان الذي سيأتي على كيان الظلم وبالاً لا طاقة له به.
علمتُ أن الأمر لا يحتاج لخبيرٍ استراتيجي يُدلي بكثير من الأقاويل ولا بكبير من التحاليل، ليُدرك المتابع بأن تلك العمليةٌ العسكرية نوعية وجديدة ومباغتة، لقد قضّت مضاجع الكيان الغاشم وأعوانه الظلمة،
عمليةٌ شنَّتها فصائلُ المُـ.ـقَاوَمة الفِلَسْطِيْنِيَّة في قِطَاعِ غَزَّة في أوَّلِ سَاعَاتِ صَبَاحِ يَوْمِ السَّبت 22 ربيع الأوَّل 1445 هـ (7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 م)، ردًّا على الانتـ.ـهاكات الإسرائـ.ـيلية في باحات المَسْجِدِ الأقصى المُبَارك واعتـ.ـداء المُستوطنين الإسرائيليين على المُواطنين الفلسطينيين في القُدس والضّفّة والدّاخل المحتل.
كان ذلك المشهد يستدعي من الذاكرة نصوصاً من القرآن والسنة تفتح في النفس آفاق النصر وتبلور صورة المستقبل المنشود كقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما علوا تتبيرا﴾ [ الإسراء: ٧ ]
تتفتح براعم الأمل في النفس حين تنطبق الآية على واقعنا، وفي قوله تعالى: ﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [ المائدة: 23]
وكأن الأمر الإلهي صدر لأولئك المقاومين الأبطال: ﴿ ادخلوا عليهم الباب﴾ وكأن البشرى تُزفّ لقلوبهم ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ﴾ وتجسد هشاشة الكيان الظالم الذي حرص الغرب منذ نشوؤه على إبعاده عن بلاده لما عانته مجتمعاته من شرّه، فحرص على إيجاد أرضٍ يجعلها مكاناً ليحيى فيه، فكان وعد بلفور، وكانت نكبات فلسطين المتتابعة، ولا يزال الغرب يمارس ذلك الدعم كلما حاق الخطر بهذا الكيان حرصاً منه على عدم عودته إلى الغرب.
فهم يدعمونه بكل ما أوتوا من قوة لتحقيق تلك المصلحة، إضافة إلى مصالحهم الكثيرة في استهداف أمتنا والسيطرة على مقدراتها.
لقد استمر هذا الكيان السرطاني البغيض بالتمدد والتوسع على أراضي فلسطين منذ (١٩٤٨) إلى هذه الأيام، ولم يكن ذلك التوسع إلا عبر المجازر البشعة التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني، تلك المجازر التي يندا لها جبين الإنسانية على مر الزمان.
عملية طوفان الأقصى وضرباتها الموجعة دفعت الكيان الغادر الغاشم للكشف عن وجهه الحقيقي الذي يجسد الشر في أسوأ حالاته فهو يشن غارات على المدنيين في غزة، ويرتكب المجـ.ـازر البشعة ضدهم، دون أدنا ضميرٍ أو رحمة.
ولكن أهل الإيمان يعلمون أن النصر حليف هؤلاء المقـ.ـاومين،وأن العار والخزي والاندحار سيكون من نصيب الكيـ.ـان الصهـ.ـيوني وأعوانه ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا فقال: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قالوا : يا رسول الله وأين هم ؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) رواه الإمام أحمد.
إذا فعملية طوفان الأقصى إن لم تكن ماسحةً للوجود الصهيـ.ـوني، ستكون مزلزلةً لقواعده، وبدايةً لزواله إلى غير رجعة.
ورغم تلك التضحيات التي بلغت الآلاف، ورغم كل التآمر الدولي، فإن الأمل بالله أولاً، وبرجال الحق المقـ.ـاومين ثانياً، وبكلً شريف في الدنيا ثالثاً.
النصر قادم بإذن الله.