بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة
المعمداني يُسقطُ القيمَ التي
يا طالما لاذوا بها أزمانا
ذاك الجبان عدو كل طفولةٍ
هدمَ البيوت وشرّدَ الإنسانا
يا رب نصرا لا يلين على المدى
يهب الحقوقَ ويُرجِعُ الأوطانا
فلسطين لها مكانة عظمى في قلوب الأمة، إذ يوجد فيها مدينة القدس وفيها المسجد الأقصى، المسجد الذي كان أولى القبلتين، ونال المنزلة الثالثة في القدسية بعد المسجد الحرام ثم المسجد النبوي، وأطلق عليه لذلك ثالث الحرمين، وامتدت حوله البركة لتشمل أرض فلسطين كلها، حيث قال الله -عز وجل- عنه: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) [الإسراء: 1].
وهي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومهبط الرسالات السماوية، وهذا كله يجعل منها بوصلة الشرفاء.
فلسطين معيار كاشف
معيار أهل الإيمان الثابتين المرابطين والبعيدين عنها المتحرقين عليها والمحزونين على ما أصابها
وهذا المعيار لا زال يكشف لنا أهل الخذلان والنفاق من أبناء جلدتنا ممن يقفون في صف العدو مثبطين متغافلين.
بالأمس القريب عندما بدأ الصهاينة بعملهم المجرم في المسجد الأقصى، وانتهكوا حرماته، واساؤوا للأمة من خلال ممارساتهم فيه، رد المـ.ـقاومون المجاهدون الشرفاء عليهم.
ولكن هذه المرة لا ككل مرة، جاء الرد صاعقاً للصـ.ـهاينة عبر عملية ” طوفان الأقصى ” المباركة، وجُنّ جنون الصـ.ـهاينة وأعوانهم، فارتكبوا أبشع المـ.ـجازر الإنسانية عبر التاريخ وكان وأفظعها عنفاً وإمعاناً تلك المجـ.ـزرة التي حدثت في مشفى المعمداني التابع للكنيسة المعمدانية بجواره، تلك المـ.ـجزرة التي راح ضحيتها المئات من الشهداء، أطفالاً ونساءً، مسلمين ومسيحيين.
وكأي إنسانٍ لديه حِس قومي وديني بل وإنساني، أتابع ما يجري في فلسطين الحبيبة، في غزّة العزّة والتضحية والفداء، غزّة التي جمعت في آنٍ واحد أعظم صفات إنسانية في شعبها الصابر المنكوب، وأعظم صفاتٍ شيطانية في عدوّها الغاشم البغيض.
أتابع بقلبٍ حزين مشاهد يومية تُشبه إلى حدٍّ ما تلك المشاهد التي قرأنا عن سيرة أصحاب الأخدود وصار المشركين للنبي والمؤمنين في شعب مكة، ومشاهد القتل والاستهداف والتنكيل تذكرنا بمشاهد كربلاء وما جرى مع إمام المجاهدين وسيد شباب الجنة سيدنا الحسين عليه السلام.
كيف يتكالب الصـ.ـهاينة ويمارسون غاراتهم الجوية على المدنيين العُزّل، كيف يقتلون أطفالنا، دون أدنى رحمة، ودون أثارةً من ضمير.
أتابع ردود الأفعال من ذوي القرار في البلاد العربية
ويجتاحني الألم تماماً كما يجتاح معظم أبناء أمتنا عندما يسمعون: الشجب، والتنديد، والإدانة، والقلق. جميع العبارات والتعابير التي يرددها أولئك لن توقف آلة الإبـ.ـادة الصـ.ـهيونية، ولن تقف أمام ذلك الاستكبار العالمي المتمثل بمحور الشر وقطبه الأوحد ” أمريكا”
ولكن النصر آتٍ بإذن الله كما وعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم، إلا ما أصابهم من لأواء (أي أذى) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك”، قالوا: وأين هم يا رسول الله؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.