غزة النصر والعزة

بقلم الدكتور ربيع حسن كوكة

 

 

يمضي الزمان مع العدو مقارعاً

وقوافلٌ الآلاف من شهدانا

 

لما عتا جمع الصـ.ـهاين نُكّلوا

نالوا الجزاء لغدرهم طوفانا

 

نقرأ في سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما كانت معركة بدر غاب الصحابي أنس بن النضر عن القتال فيها، فقال: غيبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين، لئن الله أشهدني قتالاً للمشركين، ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنع، فلما كان يوم معركة أحد انكشف المسلمون – أي تراجعوا- فقال أنس بن النضر: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء – يعني أصحابه – وأبرأ إليك مما جاء هؤلاء – يعني : المشركين – ثم تقدم يـ.ـقاتل المشركين حتى استشهد، فَوجِدَ فيه بضع وثمانون ضربة سيف، وطعنة رمح، ورمية سهم. وكانوا يقولون: فيه وفي أصحابه نزل قوله تعالى: ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) رواه الترمذي.

ويعيدُنا طوفان الأقصى إلى هذه الأية للنشهد رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أولئك الأبطال الذين أروا منهم كل بطولة وتضحيةٍ وفداء.

لست في معرض التحليلات الاستراتيجية ولا السياسية ولا العسكرية لأتكلم عن أبعاد “طوفان الأقصى” ولكن يمكننا القول أنه وعلى الرغم من تلك الأحزان التي تجتاح قلوبنا نتيجة لتلك المـ.ـجازر التي ارتكبها ويرتكبها العـ.ـدوان الصـ.ـهيوني على أهلنا بغزة منذ بداية عملية طوفان الأقصى، حيث قصـ.ـف الكـ.ـيان الغاشم للمشافي والمساجد والمدارس والبيوت والملاجئ، واستهدف الأطفال والنساء والعزَّل.

قام العـ.ـدو بكل ما يجعل القلوب تتألم بكل ما امتلك من قوة وهمجية كردّة فعل على ذلك النصر الكبير الذي حققته عملية “طوفان الأقصى” حيث كشفت حقيقة الغطرسة الصـ.ـهيونية وأظهرت الوهم الذي كانت تخفيه والكذب الذي تسوقه عن جيشها وتحصيناتها.

وبدا الوهن والضعف الكبيرين واضحاً في صفوف جيش الكيـ.ـان وحكومته معاً.

ففي جيشهم الذي كانوا يسوّقون له أنه رابع أقوى جيش في العالم ظهرت العديد من حالات الانتـ.ـحار وحالات رفض الأوامر العسكرية، وظهرت مواقف الرفض للاتحاق بالخدمة العسكرية بدأً من كبار ضباطهم وصولاً إلى الأفراد.

وأما الذين رضوا أن يكونوا وراء السور ووراء الأسلحة ليواجهوا أبطال الطوفان فهم بين مريض نفسي ومتبوّلٍ على نفسه من الخوف والفزع.

ورغم قدوم رؤوس القوى في العالم الغربي واصطفافها مع الكـ.ـيان الصهـ.ـيوني فإن ذلك لن ينفعهم ولن يزيدهم إلا جبناً وهواناً، فراحوا عبر طائراتهم الحربية يستهدفون المدنيين الأبرياء، ومهما زاد ارتقاء الشهداء من المدنيين فإن ذلك لا يقلل من قيمة النصر العظيم  لغزة العزة في عمليتها العسكرية التي شلّت قوى الكـ.ـيان الصهـ.ـيوني، وأظهرت عوار التطبيع والمطبعين، وبيّنت صورة الذين وقفوا في خندق واحد معه وخذلوا أهلنا في غزة أفراداً وجماعات، وليس الأمر سراً فوسائل التواصل الاجتماعي تكتظّ بذلك.

الشهداء إلى جنان النعيم كأنهم يبنون فيها غزة جديدة خالية من الألم والحرمان والعـ.ـدوان، يمضون مجموعةً إثر أخرى.

الجرحى إلى شفاءٍ عاجلٍ يُكحل عيونهم بنصرٍ جديد.

أما بقية الشرف والعز والفخر والمقـ.ـاومة من أهلنا في غزة فهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وهم الطائفة التي على الحق والتي لا يضرها من خالفها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار