بقلم عبد الخالق قلعه جي
لا شك في أن ما جرى في غزة وما نجم عنه من تداعيات وتطورات وما وصل إليه المشهد الآن، هو العنوان الأبرز الذي مازال يستأثر باهتمام الفضاء الإعلامي على مختلف الشاشات والأقنية والوكالات والمواقع الإخبارية، عواجل وتغطيةً وتحليلاً.. وعلى صفحات التواصل تعبيراً ومشاركةً وحالات.
ملونة جاءت تلك الحالة، ونحن نتابع صور الإرادة والبطولة والإصرار فننتشي على وقعها.. نمني النفس ونعيش سحابات آمال عريضات، وأخرى حملت كل أشكال المرارة والأسى وفظاعة ما ارتكب بحق أهلنا هناك، من مجـ.ـازر وتدمـ.ـير ومن انتـ.ـهاك سافر لكل المواثيق والأعراف الإنسانية والقانونية والدولية، بمباركة من دول العالم “المتحضر” ومَن تواطأ معها وتخاذل.
لست في معرض الحديث عن هذه المرحلة فقط وأهميتها في رسم ملامح جديدة لتاريخ المنطقة وربما العالم، ولست أيضاً في صدد الحديث عن وقائع المواجهة وخطها البياني مذ كان الوعد المشؤوم وعام النكبة 1948 ومروراً بدير ياسين وكفر قاسم صبرا وشاتيلا والحرم الابراهيمي والأقصى وجنين وغيرها وغيرها وليس انتهاء بالمعمداني.
بعض سرد أردته لأقول إن ما يجري اليوم في غزة من عـ.ـدوان آثم، هو فصل جديد في ملفات الأرشيف الأسود منذ عام ألف وتسعمئة وسبعة وثلاثين … مازالت حيفا حتى الآن، تذكر الأول منه، وكذا يافا والقدس والكرمل وطولكرم وسائر المدن الفلسطينية.
لعل هديراً آخر جاء به طوفان الأقصى.. شكلته جملة عوامل، يأتي في مقدمتها.. التوق إلى الانعتاق وامتلاك مفتاح القرار، وقوة الإعداد، وإعداد ما استطاعوا من قوة، فكان أن استفاق كثيرون على حقيقة وهمهم.. أن دماء الدرة محمد قد جفت وأن ليموناً مقدساً ما عاد ينجب وأصبح عقيماً.
بفطرتها النقية الأصيلة، رحلت عيون الناس في وطني وقلوبهم إلى هناك، وصار ذلك الطوفان موضوع الساعة أولاً وعلى مدارها.. متصدراً كل ما عداه، وليكون له أيضاً حضوره لدى الأشقاء أبناء العروبة وبقوة على الساحتين الإقليمية والدولية
رزنامة الأحداث وقراءة الذاكرة تقول إن حالة إيجابية تعود إلى الشارع العربي.. تستنهض ذاتها مع كل فعل مواجهة، سعياً لرد عـ.ـدوان واسترداد أرض وحقوق..
حالة يجب أن تستثمر فتستمر ويتعزز وهجها، لتتحول تفاصيل نهج وحياة.. تتجذر في صدور وقلوب وعقول أبناء اليوم.. إيماناً راسخاً ويقيناً بأن الأرض لنا، لا للعابرين هواءها، وبأن غداً يرونه بعيداً ونراه قريباً، لابد آت.. آت.. يوم ستبتسم فيه هاتيك البيَّارات وتزهر طهر الدماء المقدسة أقحواناً.. تعانق الكنائس القديمة، وتمسح الحزن عن المساجد.