بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة
ما تنفعُ الأعذارُ والتبريرُ
يا أمتي إن السكوتَ خطيرُ
في غزةِ الأحرارِ طوفان الدما
والمسجدُ الأقصى الجريحُ أسيرُ
وتباينت في أمتي أفعالُها
والبعضُ يهديهِ الأمانَ سريرُ
بعد ما يزيد على الثلاثة والعشرين يوماً من انطلاق عملية “طوفان الأقصى” المباركة، والنتيجة على الأرض هي نصرٌ ساحقٌ للمـ.ـجاهدين، وهزيمةٌ نكراء للصـ.ـهاينة المعتدين، إذ لائحة الخسائر في صفوف الكـ.ـيان الغاشم تطول وتطول من قـ.ـتلى ومصابين ومهجرين ودمـ.ـار لمواقع وآليات، وأسرى على جانب من الأهمية بالمئات .
مما جعل ذلك الكيـ.ـان الجبان يصب جام غضبه على المدنيين العزّل حيث ومنذ اليوم الأول لطوفان الأقصى إلى يومنا هذا قد ألقى على قطاع غزة العزة متفـ.ـجرات تجاوزت قنبلة “ناغازاكي”
أي أكثر من ثمانية عشرة ألف طن من المتفـ.ـجرات قد ألقيت على قطاع غزة حتى الآن، فكل كيلو متر في القطاع تلقى نحو خمسين طناً من المتفـ.ـجرات.
مستشفيات غزة قصـ.ـفت بغير رحمة أو إنسانية، بيوت المدنيين قصـ.ـفت، المساجد والكنائس ، حتى تجمعات الناس حول خزانات الماء ليأخذوا ما يروي عطشهم قصـ.ـفت، فارتقوا شهداء وهم عطشى.
وهذا إن دلّ فإنما يدل على الكم الهائل من الرعـ.ـب الذي زرعته المـ.ـقاومة في نفوس كيان الـ.ـشر المتوحّـ.ـش البغيض.
ولست في مقام التحليل أو قراءة المشهد الحاصل في عالمنا، ولا بمقدوري صياغة ما يجري في تلك الأروقة السياسية الكثيرة عبر العالم.
بيد أني أبث ما أشعر به وأردد قول رسول الله، رسول السلام والرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه الشيخان.
فبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن كل إنسانٍ شريفٍ في وطني أود في أن أبين أن نظرتي إلى ما يجري في غزة ليست فقط نظرة إنسان يحزن لما يرى من جـ.ـرائم إنسانية ضد الأطفال والنساء والشيوخ العزّل.
إن جميع من في غزة هم قومي، هم أهلي، ولقد فقدتُ منهم إلى الآن ما يزيد على الثمانية آلاف وثلاثمئة شهيد، حذاء كل واحدٍ منهم يعدل عندي جميع تحشدات القوى الظالمة وجميع القادة والحكام المتخاذلين.
هم بالنسبة لي ليسوا أرقاماً، لقد كان لكل واحدٍ منهم وجهاً يبتسم، وحياةً تُبنى، وآلاف المواقف والتفاصيل.
وأما الجرحى وتأوهاتهم فهي في كل كوني منتشرة، غيرت ملامح الأيام، ولوّنت الدنيا بألوان آلامهم.
وأما أولئك المجـ.ـاهدين المـ.ـقاومين فهم شفاء الصدور وعزة الأمة في زمنٍ كثر فيه الخونة والمتآمرين.
نقول لهم كما قال ربّنا في القرآن الكريم: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) [آل عمران: ١٣٩]
وفي الماضي قالت العرب في أمثالها: “لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ”
هي نفثة مصدور، وهمسة محزون أسجلها بين يدي الله والوطن.
=====
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار والتطورات على قناتنا في تلغرام